(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠) وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢٤٢)
فإن العاقل يستبرئ لنفسه ، فإن كان عالما حكم بما علم ، وإن لم يكن عالما بتلك الواقعة ما حكمها حكم عليه عقله أن يسأل من يدري الحكم الإلهي المشروع في تلك النازلة ، فإذا عرفه حكم فيها ، فهذا فائدة العقل ، فإن كثيرا ممن ينتمي إلى الدين والعلم الرسمي تحكم
____________________________________
من الفرائض ، إذ كان وقتها أخفى الأوقات كلها ، لأنه قال : [والشمس مرتفعة بيضاء نقية] قبل أن تدخلها الصفرة ، فما فوقها في البيان كوقت الصبح بطلوع الفجر ، وصلاة الظهر بزوال الشمس ، والمغرب بغروب الشمس ، والعتمة بمغيب الشفق ، فجميع الأوقات في غاية البيان ، فلهذا أكد بذكر صلاة العصر في مصحف عائشة ، وهو المحافظة على معرفة وقتها ، ثم قال تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) يعني فيها ، معناه ساكنين ، فإنهم كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزلت هذه الآية ، قال الراوي : فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام في الصلاة ، وإن كان القنوت الطاعة لله ، فقوله : (وَقُومُوا لِلَّهِ) بها على حد ما أمركم الله به وما علمكم ، أي من أجل الله ، ثم قال : (٢٤٠) (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) وهذا من المحافظة على الصلوات أن تقام على جميع الأحوال وعلى قدر الاستطاعة ، ولا سبيل إلى تركها ، ولو صلاها إيماء بعينيه ، فقال تعالى : فإن كنتم في حال خوف من عدو لا تستطيعون أن تؤدوها وأنتم قائمون على الأرض فلتصلّوها وأنتم تمشون إن كنتم رجالا ، أي على أرجلكم ، أو ركبانا ، يقول : على رواحلكم إذا لم تستطيعوا النزول على الأرض ، ثم قال : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) يقول : فإذا ارتفع الخوف وكان الأمن فصلوا كما علمكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أعمال الصلاة من القيام على الأرض والركوع والسجود ، وليس في هذه الآية ما يدل على النقص من أعداد ركعات الصلوة