(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) لما أراه آثار القدرة لا تعلقها ، عرف كيفية الأشياء والتحام الأجزاء حتى قام شخصا سويا ، ولا رأى تعلق قدرة ولا تحققها ، قال له الخبير العليم : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) لما تقدمه في صور الأطيار وتفريقه الأطوار.
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٢٦١)
إذا أدخل الحق صورة العمل الصالح الميزان ووزنه بصورة الجزاء رجحت عليه صورة الجزاء أضعافا مضاعفة وخرجت عن الحد والمقدار منة من الله وفضلا ، قال تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) وقال : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) بالزيادة من النعم ، فلم يجعل للتضعيف في الخير مقدارا يوقف عنده ، بل وصف نفسه بالسعة فقال : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) فإن أسرار الله في الأشياء لا تنحصر ، ولهذا تقول الخواص ما ثمّ تكرار للاتساع الإلهي وإنما أمثال تحجب بصورها القلوب عن هذا الإدراك ، فتتخيل العامة التكرار ، والله واسع عليم ، فمن تحقق بوجود هذا الاسم الواسع ، لم يقل بالتكرار ، بل هم في لبس من خلق جديد.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ