وسبعين ، وهي في معنى مراتب الإيمان ، كما جاء في الخبر [الإيمان بضع وسبعون شعبة] قوله «فمن كوشف بحقائقها ملك العالي والدون» هذا باب الكشف والذوق ، إذا أراد الله تعالى التعريف به أقامه في الكشف ، أو وهب العلم الضروري للمحل بطريق المعاني المجردة ، فتعرّض لنيل ذلك من الوهاب الفتاح سبحانه وتعالى واستعمل المجاهدة ، وتحلّ بالموافقة والمساعدة ، عساك تلتذ بالمشاهدة.
واعلم أنه لما كان الألف يسري في مخارج الحروف كلها ، سريان الواحد في مراتب الأعداد كلها ، فهو قيوم الحروف ، وله التنزيه بالقبلية ، وله الاتصال بالبعدية ، فكل شيء يتعلق به ، ولا يتعلق هو بشيء ، فأشبه الواحد ، لأن وجود أعيان الأعداد يتعلق به ، ولا يتعلق الواحد بها ، فيظهرها ولا تظهره ، وتشبهه في هذا الحكم الدال والذال والراء والزاي والواو ، ويشبه في حكم السريان الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها ، وكما أن الواحد لا يتقيد بمرتبة دون غيرها ، ويخفى عينه ، أعني اسمه ، في جميع المراتب كلها ، كذلك الألف لا يتقيد بمرتبة ويخفى اسمه في جميع المراتب ، الاسم هناك للباء والجيم والحاء وجميع الحروف ، والمعنى للألف.
(اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (٢)
هذا توحيد حروف النفس ، وهو الألف واللام والميم وهو التوحيد الثالث في القرآن من نفس الرحمن ، وهذا التوحيد أيضا توحيد الابتداء ، فإن الاسم الله مبتدأ ، وله من أسماء الأفعال منزل الكتاب بالحق من الله المسمى بالحي القيوم ، فبيّن أنه منزل الكتاب بالحق من الله المسمى بالحي القيوم ، وهي أربعة كتب يصدق بعضها بعضا ، والكتب الإلهية وثائق الحق على عباده ، فهي كتب مواثيقه ، وتحقيق بما له عليهم ، وما لهم عليه مما أوجبه على نفسه لهم فضلا منه ومنّة ، فدخل معهم في العهدة (الْحَيُّ) الحياة شرط في جميع وجود النسب المنسوبة إلى الله ، وهذه النسبة أوجبت له سبحانه أن يكون اسمه الحي ، فجميع الأسماء الإلهية موقوفة عليه ومشروطة به ، حتى الاسم الله ، فالاسم الله هو المهيمن على جميع الأسماء التي من جملتها الاسم الحي ، ونسبة الاسم الحي لها المهيمنية على جميع النسب