الأسمائية ، حتى نسبة الألوهة التي بها تسمى الله الله ، فكل اسم هو للحي إذا حققت الأمر ، فيسري سره في جميع العالم ، فخرج على صورته فيما نسب إليه من التسبيح بحمده ، فما في العالم إلا حي ، ولما لم يتمكن أن يتقدم الاسم الحي الإلهي اسم من الأسماء الإلهية ، كانت له رتبة السبق ، فهو المنعوت على الحقيقة بالأول. (الْقَيُّومُ) الحق قيوم بعباده فيما يحتاجون إليه ، وهو تعالى الحي لنفسه ، لتحقيق ما نسب إليه مما لا يتصف به إلا من شرطه أن يكون حيا ، القيوم لقيامه على كل نفس بما كسبت.
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) (٣)
لما ضم الحق تعالى حروف القرآن وسوره ومعانيه بهذا النظم المعجز سماه كتابا ، فهو نظم حروف رقمية لانتظام كلمات لانتظام آيات لانتظام سور ، كل ذلك عن يمين كاتبة ، كما كان القول عن نفس رحماني ، فصار الأمر على مقدار واحد وإن اختلفت الأحوال ، لأن حال التلفظ ليس حال الكتابة ، وصفة اليد ليست صفة النفس ، فكونه كتابا كصورة الظاهر والشهادة ، وكونه كلاما كصورة الباطن والغيب ، فالقرآن في الصدور قرآن ، وفي اللسان كلام ، وفي المصاحف كتاب.
(مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) (٤)
لما كان الانتقام من رحمة المنتقم بنفسه من الخلق ، قال تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ) عن مثل هذا (ذُو انْتِقامٍ).
(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٥)
وكيف يخفى عليه وهو عنده علم المقادير (فِي الْأَرْضِ) وهو كل معلوم وكل ما في الطبيعة من الأسرار ، فإن صورها أرض الأرواح (وَلا فِي السَّماءِ) وهو المعلوم وكل ما