حرف فإنما يقول ذلك على سبيل التجوز في العبارة ، ومقام الألف مقام الجمع ، له من الأسماء اسم الله ، وله من الصفات القيومية ، وله المراتب كلها ، وله مجموع عالم الحروف ومراتبها ، ليس فيها ولا خارجا عنها ، نقطة الدائرة ومحيطها ، ومركب العوالم وبسيطها. «والميم» للملك الذي لا يهلك «واللام» بينهما واسطة لتكون رابطة بينهما ، فالألف إشارة إلى الذات المنزهة عن قيام الحركات بها ، واللام إشارة إلى الصفات التي لا تعقل إلا بالأفعال ، لذلك اتصلت اللام بالميم الذي هو أثرها وفعلها.
(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢)
(ذلِكَ) مبتدأ ليس بفاعل ولا مفعول لما لم يسم فاعله ، ولا يصح أن يكون فاعلا لقوله (لا رَيْبَ فِيهِ) فلو كان فاعلا لوقع الريب ، لأن الفاعل إنما هو منزله لا هو ، ولا يقال فيه أيضا مفعول لم يسم فاعله لأنه من ضرورته أن يتقدمه كلمة على بنية مخصوصة محلها النحو و (الْكِتابُ) هنا نفس الفعل والفعل لا يقال فيه فاعل ولا مفعول ، وهو مرفوع فلم يبق إلا أن يكون مبتدأ ، وجاء بعد قوله (الم) إشارة إلى موجود بيد أن فيه بعدا ، وسبب البعد لما أشار إلى الكتاب ، وهو المفروق محل التفصيل والإشارة نداء على رأس البعد عند أهل الله (١) فقوله «ذا» حرف مبهم فبيّن ذلك المبهم بقوله (الْكِتابُ) وهو حقيقة ذا
____________________________________
قوله (٣) (ذلِكَ الْكِتابُ) الآية. ذا إشارة ، والألف واللام للعهد ، فالإشارة للكتاب المسؤول المعهود هو هذا ، ولا وجه لقوله (الم) في الإعراب ، ومن أعربه فقد أخطأ ، فإن إعراب الكلام تابع لمعرفة معانيه ، وهذا مجهول المعنى ، ولا سيما في الخط حيث لم يقيد بحركة ، وقوله (لا رَيْبَ فِيهِ) يقول لا شك فيه ، فيحتمل أن يكون العامل في (فِيهِ) ما في الريب من معنى الفعل ، أو في الهدى من كائن ، فإن له تعلقا بالريب وتعلقا بالهدى ، وفي القرآن من ذلك كثير مثل (هذَا) في (يس) في قوله (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ، هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) فله وجه إلى ما ، ووجه إلى مرقدنا ، وكذلك (وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ) في سورة النور يطلبه (يُسَبِّحُ) بالفاعلية ، ويطلبه الابتداء بالمبتدئية ، وضمير لا تلهيهم يعود عليهم في الوجهين معا ، وكذلك هذا يجوز الوقف على