وهو صورته وله باطن وهو روحه ، ولكل حرف ليلة من الشهر أعني الشهر الذي يعرف بالقمر ، فإذا مشى القمر وقطع في سيره أربع عشرة منزلة أعطى في كل حرف من هذه الحروف من حيث صورها قوتين من حيث ذاته ، ومن حيث نوره ، وأعطاه قوتين أخريين من حيث المنزلة التي نزل بها ، ومن حيث البرج الذي لتلك المنزلة ، ولكن بقدر ما لتلك المنزلة من البرج ، فيصير في ذلك الحرف أربع قوى ، فيكون عمله أقوى ، فإذا أخذ القمر في النقص فقد أخذ في روحانية هذه الحروف إلى أن يكملها بكمال المنازل ، فتلك ثمان وعشرون والقوى مثل القوى إلا أنه يكون العمل غير العمل ، فالعمل الظاهر في المنافع ، والعمل الثاني في دفع المضار. وفي قوة النور الذي للقمر لهذه الحروف مراتب بحسب المنزلة والبرج الذي تكون فيه الشمس ، واتصالات القمر بالمنزلة في تسديسها وتربيعها وتثليثها ومقابلتها ومقارنتها ، فتختلف الأحكام باختلاف هذا للحرف من قوة النور القمري ، وأما لام ألف فهو من الحروف المركبة ، أنزلوه منزلة الحرف الواحد لكمال نشأة الحروف ، ولهذا الحرف ليلة السرار الذي يكون للقمر ، فالعمل بالحروف يحتاج إلى علم دقيق ، فهذه القوى تحصل للحروف من سير القمر ، فإن الله ما قدر هذا القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم واختصه بالذكر سدى ، بل ذلك لحكمة إلهية يعلمها من أوتي الحكمة التي هي الخير الكثير الإلهي ، فإن الستة الجواري الباقية قدّرها أيضا منازل في نفس الأمر وما خصها بالذكر ، فلما دخل القمر في الذكر كان له من القوة الإليهة والشرف في الولاية والحكم الإلهي ما ليس لغيره ، فإنه ما ذكر إلا بالحروف وبها نزل إلينا الذكر ، فكان نسبته إلى الحروف أتم من نسبة غيره ، فصار إمداده للحروف إمدادين ، إمداد جزاء وشكر لأن بها حصل له الذكر ، وإمدادا طبيعيا كإمداد سائر الستة لهذه الحروف ـ راجع والقمر قدرناه منازل.
«تفسير من باب الإشارة» : «الألف» من (الم) إشارة إلى التوحيد فمهما نظرت إلى الوجود جمعا وتفصيلا ، وجدت التوحيد يصحبه ، لا يفارقه البتة ، صحبة الواحد الأعداد ، فالواحد ليس العدد ، وهو عين العدد ، أي به ظهر العدد ، فالألف ليس من الحروف عند من شم رائحة من الحقائق ، ولكن قد سمته العامة حرفا ، فإذا قال المحقق إنه
____________________________________
برأيه فما أصاب ، والله أعلم ، أو قد اجترأ فيما ذكره ولو أصاب ، فإن ذلك مما لا يدرك بالاجتهاد