ذلك الشكل بصورته وروحه إلى أن يزول فتنتقل روحه إلى البرزخ ، وذلك قوله (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) ، وكذلك الأشكال الهوائية والمائية لولا أرواحها ما ظهر منها في انفرادها ولا في تركيبها أثر ، وكل من أحدث صورة وانعدمت وزالت وانتقل روحها إلى البرزخ فإن روحها الذي هو ذلك الملك يسبح الله ويحمده ، ويعود ذلك الفضل على من أوجد تلك الصورة الذي كان هذا الملك روحها ، فما يعرف حقائق الأمور إلا أهل الكشف والوجود من أهل الله ، ولهذا نبه الله قلوب الغافلين ليتنبهوا على الحروف المقطعة في أوائل السور ، فإنها صور ملائكة وأسماؤهم ، فإذا نطق بها القارئ كان مثل النداء بهم فأجابوه ، فيقول القارئ «ألف ، لام ، ميم» فيقول هؤلاء الثلاثة من الملائكة مجيبين «ما تقول» فيقول القارئ ما بعد هذه الحروف تاليا فيقولون «صدقت» إن كان خبرا ، ويقولون «هذا مؤمن حقا نطق حقا وأخبر بحق» فيستغفرون له ، وهم أربعة عشر ملكا ، «ألف ، لام ، ميم ، صاد ، راء ، كاف ، هاء ، ياء ، عين ، طاء ، سين ، حاء ، قاف ، نون» ظهروا في منازل من القرآن مختلفة ، فمنازل ظهر فيها واحد مثل «ق ، ن ، ص» ومنازل ظهر فيها اثنان مثل «طس ، يس ، حم» وهي سبعة أعني الحواميم ، طه ، ومنازل فيها ثلاثة وهم ، «الم البقرة ، والم آل عمران ، والم يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر ، وطسم الشعراء والقصص والعنكبوت ولقمان والروم والسجدة» ومنها منازل ظهر فيها أربعة وهم «المص الأعراف ، والمر الرعد» ومنازل ظهر فيها خمسة وهي «مريم والشورى» وجميعها ثمان وعشرون سورة على عدد منازل السماء سواء ، فمنها ما يتكرر في المنازل ومنها ما لا يتكرر ، فصورها مع التكرار تسعة وسبعون ملكا بيد كل ملك شعبة من الإيمان ، وإن الإيمان بضع وسبعون شعبة أرفعها لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ـ والبضع من واحد إلى تسعة ـ فقد استوفى غاية البضع ، فمن نظر في هذه الحروف يرى عجائب ، وتكون هذه الأرواح الملكية التي هذه الحروف أجسامها تحت تسخيره ، وبما بيدها من شعب الإيمان تمده وتحفظ عليه إيمانه.
واعلم أن هذه الحروف الأربعة عشر التي في أوائل السور ، كل حرف منها له ظاهر
____________________________________
ولما كتبت ما قيدت بحركات مخصوصة ، بل تركت مهملة ، وهذا كله يدلك على أنه من فسرها