واعلم أن لله ثمانية وعشرين اسما على عدد منازل الفلك وهي : الرفيع الدرجات ، الجامع ، اللطيف ، القوي ، المذل ، رزاق ، عزيز ، مميت ، محيي ، حي ، قابض ، مبين ، محص ، مصور ، نور ، قاهر ، عليم ، رب ، مقدّر ، غني ، شكور ، محيط ، حكيم ، ظاهر ، باطن ، باعث ، بديع. ولكل اسم من هذه الأسماء روحانية ملك تحفظه وتقوم به وتحفظها ، لها صور في النفس الإنساني تسمى حروفا في المخارج عند النطق وفي الخط عند الرقم ، فتختلف صورهما في الكتابة والرقم ولا تختلف في النطق ، وتسمى هذه الملائكة الروحانيات في عالم الأرواح بأسماء هذه الحروف ، فلنذكرها على ترتيب المخارج حتى تعرف رتبتها فأولهم : ملك الهاء ثم الهمزة ، وملك العين المهملة ، وملك الحاء المهملة ، وملك العين المعجمة ، وملك الخاء المعجمة ، وملك القاف ، وملك الكاف ، وملك الجيم ، وملك الشين المعجمة ، وملك الياء ، وملك الضاد المعجمة ، وملك اللام ، وملك النون ، وملك الراء ، وملك الطاء المهملة ، وملك الدال المهملة ، وملك التاء المعجمة باثنتين من فوقها ، وملك الزاي ، وملك السين المهملة ، وملك الصاد المهملة ، وملك الظاء المعجمة ، وملك الثاء المعجمة بالثلاث ، وملك الذال المعجمة ، وملك الفاء ، وملك الباء ، وملك الميم ، وملك الواو ، وهذه الملائكة أرواح هذه الحروف ، وهذه الحروف أجساد تلك الملائكة لفظا وخطا بأي قلم كانت ، فبهذه الأرواح تعمل الحروف لا بذواتها ، أعني صورها المحسوسة للسمع والبصر المتصورة في الخيال ، فلا يتخيل أن الحروف تعمل بصورها وإنما تعمل بأرواحها ، ولكل حرف تسبيح وتمجيد وتهليل وتكبير وتحميد يعظم بذلك كله خالقه ومظهره ، وروحانيته لا تفارقه وبهذه الأسماء يسمون هذه الملائكة في السموات ، وكذلك الكواكب التي ترونها إنما هي صور لها أرواح ملكية تدبرها مثل ما لصورة الإنسان ، فبروحه يفعل الإنسان وكذلك الكوكب ، والحرف لولا الروح ما ظهر منه فعل ، فإن الله سبحانه ما يسوي صورة محسوسة في الوجود على يد من كان ، من إنسان أو ريح إذا هبت فتحدث أشكالا في كل ما تؤثر فيه ، حتى الحية والدودة تمشي في الرمل فيظهر طريق ، فذلك الطريق صورة أحدثها الله بمشي هذه الدودة أو غيرها ، فينفخ الله فيها روحا من أمره لا يزال يسبحه
____________________________________
دواعيهم إلى ذلك ، فيسمعون ما أراد الحق أن يخاطبهم به من القرآن ، فهذا وجه إنزالها ، ومع هذا فلها معان لا يعلمها إلا هو ، ومن أنزلت عليه ، ثم إنه ما كتبت على صورة ما تلفظ بها ،