صورة ، فما نزال في الصور ، في حال النفع والضرر ، فالجهاد صلاح وفساد ، لأن فيه حزّ الرؤوس ومفارقة الحس المحسوس ، فالشهيد يشبه الميت ، فيما اتصف به من الفوت ، ولذلك يورث ماله وينكح عياله ، فطلاق الشهيد يشبه تطليق الحاكم على الغائب ، وإن كان حيا إذا أبعد في المذاهب ، وقد ثبت عن سيد البشر لا ضرر ولا ضرار ، وقد علم أن الشهيد هو سعيد بدار الخلود ، وإن حصل تحت الصعيد ، ولا سبيل إلى رجعته ولا إنزاله من رفعته ، مع كونه حيا بفرح ويرزق ، وما هو عند أهله ولا طلّق ، وهذه حالة الأموات ، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون فرحين وهم عندنا رفات ، وما لنا إلا ما نراه ، ولكل امرئ ما نواه ، ولا نحكم إلا بما شهدناه ، فاستمع تنتفع.
(فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٧٠)
فرحين ببيعهم لما رأوا فيه الربح ، حيث انتقلوا إلى الآخرة من غير موت (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أتى سبحانه بفعل الحال في قوله (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) فإن هذا الفعل يرفع الحزن في الحال والاستقبال ، بخلاف الفعل الماضي والمخلص للاستقبال بالسين أو سوف.
(يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (١٧٣)
(وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ) أي في الله الكفاية (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو