فَضْلٍ عَظِيمٍ) (١٧٤)
فمن كان الله حسبه انقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي الله (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) على من جعله حسبه ، والفضل الزيادة أي ما يعطيه على موازنة عمله بل أزيد من ذلك مما يعظم عنده إذا رآه ذوقا.
(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٧٥)
الخوف من مقام الإيمان ، ولكل موطن خوف يخصه إذا حققت ، فما متعلق كل خوف إلا ما يكون من الله ، وهو محدث ، فما الخوف إلا من المحدثات ، والله يوجد في ذلك ، فتعلق خوفنا بالموجد لذلك ، وهذا قوله : (وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فجعل الخوف نتيجة الإيمان ، فإنه موقوف على العلم الإلهي الذي يأتي به الصادق من عند الله ، فإن العلم من غير إيمان لا يعطيه ، وحصل الخوف عند الرجال من الله لأنهم لا يعرفون مراد الله فيهم ، ولا إلى أين ينقلهم ، ولا في أي صفة وطبقة يميزهم ، فلما أبهم الأمر عليهم عظم خوفهم منه.
خف الله يا مسكين إن كنت مؤمنا |
|
إذا جاء سلطان المنازع في الأمر |
فإن جنحوا للسلم فاجنح لها تنل |
|
بها رتب العلياء في عالم الأمر |
وما قلته بل قاله الله معلما |
|
كما جاء في القرآن في محكم الذكر |
فخوف الله هو الخوف الأعظم ، فإنه هو المسلّط وبيده ملكوت كل شيء ، فأين الأمان؟ ومن خافه التحق بالملأ الأعلى فيما وصفهم الله به في قوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ).
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا