عرض له عارض الدعوى ، بكون الرسول صلىاللهعليهوسلم قال فيه : إنه مخلوق على الصورة ، وذلك عندنا لا ستعداده الذي خلقه الله عليه من قبوله للتخلق بالأسماء الإلهية على ما تعطيه حقيقته ، فإن في مفهوم الصورة والضمير ، خلافا ، فما هو نص ، فاعتز لهذه النسبة وعلا وتكبّر ، فأمر لطهارة نفسه من هذا التكبر بالأرض والترائب وهو حقيقة عبوديته ، بنظره في أصل خلقه مم خلق ، فوقوف العبد مع حقيقته من حيث نشأته طهوره من كل حدث يخرجه من هذا المقام ، وهذا لا يكون إلّا بعدم وجدان الماء ، والماء العلم ، فإن العلم حياة القلوب ، فكأن التيمم حالة المقلد في العلم بالله ، والمقلد عندنا في العلم بالله هو الذي قلّد عقله لنظره في معرفته بالله من حيث الفكر ، فكما أنه إذا وجد الماء أو قدر على استعماله بطل التيمم ، كذلك إذا جاء الشرع بأمر ما من العلم الإلهي بطل تقليد العقل لنظره في العلم بالله في تلك المسئلة ، ولا سيما إذا لم يوافقه في دليله ، كان الرجوع بدليل العقل إلى الشرع ، فهو ذو شرع وعقل معا في هذه المسئلة ، والإشارة بالوجه إلى ذات العبد ، والإشارة بالأيد إلى الاقتدار الظاهر من العبد ، وهو مجبول على العجز ، فإذا نظر في هذا الأصل زكت نفسه وتطهر من الدعوى ، وأما الإشارة بالسفر فإن صاحب النظر في الدليل مسافر بفكره في منازل مقدماته وطريق ترتيبها حتى ينتج له الحكم في المسألة المطلوبة ، والمريض هو الذي لا تعطي فطرته النظر في الأدلة ، لما يعلم من سوء فطرته وقصوره عن بلوغ المقصود من النظر ، بل الواجب أن يزجر عن النظر ويؤمر بالإيمان تقليدا ، وهو التيمم في حقهما.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٦)