ومعرفة شرفه ورحمة الصغير ، والقيام بحدود الله ، وترك دعوى الجاهلية فإن النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : دعوها فإنها منتنة ، والتودد ، والحب في الله والبغض في الله ، والتؤدة ، والحلم ، والعفاف ، والبذاذة ، وترك التدابر ، وترك التحاسد ، وترك التباغض ، وترك التناجش ، وترك شهادة الزور وترك قول الزور ، وترك الهمز واللمز والغمز ، وشهود الجماعات ، وإفشاء السلام ، والتهادي ، وحسن الخلق ، وحسن العهد ، والسمت الصالح ، وحفظ السر ، والنكاح والإنكاح ، وحب الفأل ، وحب أهل البيت ، وترك الطيرة ، وحب النساء ، وحب الطيب ، وحب الأنصار ، وتعظيم الشعائر ، وتعظيم حرمات الله ، وترك الغش ، وترك حمل السلاح على المؤمن ، وتجهيز الميت والصلاة على الجنائز ، وعيادة المريض ، وإماطة الأذى ، وأن تحب لكل مؤمن ما تحب لنفسك ، وأن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما ، وأن تكره أن تعود في الكفر ، وأن تؤمن بملائكة الله ، وكتبه ، ورسله ، وبكل ما جاءت به الرسل من عند الله ، من ذلك نعلم أن الإيمان نور شعشعاني ، ظهر عن صفة مطلقة لا تقبل التقييد ، فإذا خالط هذا النور بشاشة القلوب لا يتصور في صاحبه شك ، لأن الشك لا يجد محلا يعمره ، فإن محله الدليل ولا دليل ، فما ثم على ما يرد عليه الدخل ولا الشك بل هو في مزيد ، فالإيمان لا تعطيه إقامة الدليل بل هو نور إلهي يلقيه الله في قلب من شاء من عباده ، وقد يكون عقيب الدليل وقد لا يكون هناك دليل أصلا ، كما قال تعالى (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) فنور الإيمان وهب إلهي ليس فيه من الكسب شيء ، ولا أثر للدلالة فيه البتة ، فإن الإيمان كشف نوري لا يقبل الشبهة ، وهو لا يقبل الزوال لأنه نور إلهي ، وصاحب الدليل لا يقدر على عصمة نفسه من الدخل عليه في دليله القادح ، فيرده هذا الداخل إلى محل النظر ، فصاحب الإيمان يصف الحق بما لا تقبله الأدلة ، ويتأوله المؤمن به من حيث الدليل ، فينقصه من الإيمان بقدر ما نفاه عنه دليله ، وموطن الدنيا اقتضى أن ينحجب الخلق عن الله ، إذ لو أشهدهم نفسه في الدنيا لبطل حكم القضاء والقدر ، الذي هو علم الله في خلقه بما يكون عنهم وفيهم ، فكان حجابه رحمة بهم وإبقاء عليهم ، فإن تجليه سبحانه يعطي بذاته القهر فلا يتمكن معه دعوى ، والإيمان لا يكون إلا بالخبر لا بالعيان (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فليس المؤمن إلا من يؤمن بالغيب ، وهو الخبر الذي جاء من عند الله ، فإن الخبر بما هو خبر يقبل الصدق والكذب ،
____________________________________
وقد يمكن أن يكون من ذلك رؤية الله سبحانه ، فإذا قررها الخبر الصدق تعين الحكم وأن ذلك