(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٦٩) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (١٧١)
الغلو في الدين سبب ، فيما فات الناس من خير كثير. ومن الغلو في الدين ما توغلوا فيه من تنزيه الحق حتى أكذبوه ؛ فالمتغالي في دينه ونزه الحق تعالى عما يستحقه فهو وإن قصد تعظيما بذلك الفعل في التغالي فقد وقع في الجهل وجاء بالنقص ؛ قال تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) ، وليس الحق إلا ما قاله عن نفسه : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) فمن غلوهم في دينهم وتعظيمهم لرسلهم قالوا : إن عيسى هو الله ، وقالت طائفة هو ابن الله ، وقال من لم يغل في دينه هو عبد الله وكلمته ، والعالم كله كلمات الله من حيث النفس الرحماني كما قال تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) وليست غير عيسى عليهالسلام لم يلق إليها غير ذلك ولا علمت غير ذلك. فلو كانت الكلمة الإلهية قولا من الله وكلاما لها مثل كلامه لموسى عليهالسلام ، لسرت ولم تقل (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) فلم تكن الكلمة الإلهية التي