(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (١٢)
الشعور علم إجمالي قطعي أن ثم مشعورا به لكن لا يعلم ما هو ذلك المشعور به.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) (١٣)
السفيه : هو الضعيف الرأي ، يقولون إنهم ما آمنوا الا لضعف رأيهم وعقلهم فجاز
____________________________________
لأن العذاب فيه ضرب من اللذة ، ومنه في صفة الماء (عَذْبٌ فُراتٌ) ولما كان في إيلام الكفار بالله ورسوله سرور المؤمنين قال (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) سماه عذابا للعذوبة التي تحصل منه للمؤمن ، ومن قرأ «يكذبون» مخففا من الكذب في قوله (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) فهي زيادة مرض آخر ، والمرض الأول اعتقادهم التكذيب بقلوبهم ، فزادهم الله مرضا آخر نكرة ، وهو أن نطّقهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، ولكل جنس من المرضين عذاب مخصوص ، فلذلك وردت القراءتان معا ، أي أنهم مجازون على التكذيب بالنار التي تطلع على الأفئدة ، وعلى الكذب بالنار التي تتسلط على الجوارح ، قوله (١٢) (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) الضمير في لهم يعود على الذين كفروا خاصة (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) في زعمهم ، قال تعالى (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) وقال تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) الذي هو قول الله (لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) فلما كانوا على عمل هو فساد عند الله تعالى ، وصلاح في نظرهم ، اعتقدوا أن ما خالف عملهم من الأعمال المقابلة لها وترك أعمالهم هو الفساد ، فاعتقدوا أن المؤمنين على فساد لمخالفتهم ما هم عليه ، فقال تعالى في مقابلة هذا الاعتقاد وإن لم يجر له لفظ : (١٣) (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) دل عليه المعنى (وَلكِنْ) استدراك (لا يَشْعُرُونَ) أي لا يفطنون لذلك ، فلم يكونوا معاندين ولا جاحدين ، بل هم جاهلون ، قوله (١٤) (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا ...) الآية ، الضمير أيضا يعود على الذين كفروا