ذلك عليهم لقول الله (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ) أي الذين ضعفت آراؤهم ، فحال ذلك الضعف بينهم وبين الإيمان (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ).
(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (١٤)
كان المنافقون في زمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتون إلى المؤمنين بوجه يظهرون أنهم معهم ، ويأتون إلى المشركين بوجه يظهرون به أنهم معهم ، ويقولون (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) وما أخذ الله المنافقين إلا بما زادوا به على صورة النفاق ، ولو أنهم بقوا على صورة النفاق من غير زيادة لسعدوا يقول تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) لو قالوا ذلك حقيقة لسعدوا ، (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) لو قالوا ذلك وسكتوا ما أثر فيهم الذم الواقع ، وإنما زادوا (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) فشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كاذبين ، فما أخذوا إلا بما أقروا به ، يدلنا على ذلك ما أخبر الله به عن نفسه في مؤاخذته إياهم فقال :
____________________________________
خاصة ، فإن الآخرين قالوا (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) وإن كانوا كاذبين في مقالتهم تلك (كَما آمَنَ النَّاسُ) يعني المؤمنين (قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) السفه عدم الرشد ، والتصرف على ما لا تقتضيه الحكمة ، وضعف الرأي ، قال الله لهم مخبرا لنا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ). يقول : هم الضعفاء الرأي لا أنتم ، فعاد ما نسبوه للمؤمنين إليهم ، قال عليهالسلام (إنما هي أعمالكم ترد عليكم) وجاء في الصحيح (من قال لأخيه : كافر فقد باء به أحدهما) أي بوصف الكفر ، إن كان كما قال فصح الوصف ، وإن لم يكن كما قال جاز ذلك على القائل لأنه من قال إن الإسلام كفر فقد كفر ، والسعيد من استبرأ لدينه ولا يكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ، والعلم واسع والوجوه كثيرة ، ثم قال (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) أنهم هم السفهاء ، فإن السفه عندهم ترك ما هم عليه ومخالفته ، قوله (١٥) (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) إلى قوله (يَعْمَهُونَ). الضمير في لقوا يعود على الناس الذين قالوا آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ، كانوا ويكونون إلى يوم القيامة من هذه صفتهم (إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) أي صدقنا بالذي صدقتم به ليعصموا دماءهم وأموالهم (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) فهؤلاء سجدوا كرها ، وآمنوا