(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٠)
(وَلَوْ شاءَ اللهُ) من نسبة الأفعال إلى الله لا يجب عليه فعلها ولا تركها ، ولهذا جعل المشيئة في ذلك وعلقها بلو فامتنع عن نفوذ الاقتدار ، وهذا موضع إبهام لا يفتح أبدا ، فوصف الحق نفسه بما يقوم الدليل العقلي على تنزيهه عن ذلك ، فما يقبله إلا بطريق الإيمان والتسليم ، فإنه سبحانه قيد مشيئته وإرادته بلو ، وهو حرف امتناع فيه سر خفي لأهل العلم بالله ، فإذا علمت هذا أقمت عذر العالم عند الله ، فالكل بيده وإليه يرجع الأمر كله (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) بالإيجاد.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢١)
____________________________________
صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) ضرط وتخبط في عقله ، وقال : إن هذا كلام جبار ، ثم قال (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) بالأخذ ، من أحاط بهم العدو ، فلا يجدون مفلتا ولا منقذا ، قال تعالى (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) فالمثل الأول في المنافقين ، وهذا المثل الآخر في الجميع ، وفي نزول القرآن وما يحويه ، ثم قال (٢١) (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) يقول : يكاد ما يسمعونه من آيات الوعد والتحضيض على مكارم الأخلاق (يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) عن العمى ، ويردهم إلى الحق مما يفرحون بسماعه ، ثم قال (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) يقول : وإذا سمعوا الآيات التي حكاها الحق عنهم رجعوا إليها وقاموا على دينهم وكفرهم ، أي ثبتوا (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) عن الباطل ، وعن رؤية الظلمات إلى الحق وإلى النور ، كأنه يقول : ولو شاء الله لهداهم ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي على كل مقدور ، أن يوجده إن كان معدوما ، أو يعدمه إن كان موجودا ، قال تعالى (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) إعدام الموجود (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) إيجاد المعدوم (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بممتنع ، قوله (٢٢) (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا