وحقها في النفقة ونحوها. فإذا ضبطت عدتها ، علمت حالها على بصيرة ، وعلم ما يترتب عليها ، من الحقوق ، وما لها منها. وهذا الأمر بإحصاء العدة ، يتوجه للزوج ، وللمرأة ، إن كانت مكلفة ، وإلا فلوليّها. وقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) ، أي : في جميع أموركم ، وخافوه في حق الزوجات المطلقات. (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) مدة العدة ، بل تلزم بيتها الذي طلقها زوجها وهي فيه. (وَلا يَخْرُجْنَ) ، أي : لا يجوز لهن الخروج منها. أما النهي عن إخراجها ، فلأن المسكن ، يجب على الزوج للزوجة ، لتكمل فيه عدتها الّتي هي حق من حقوقه. وأما النهي عن خروجها ، فلما في خروجها ، من إضاعة حق الزوج ، وعدم صونه. ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت ، والإخراج إلى تمام العدة. (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) ، أي : بأمر قبيح واضح ، موجب لإخراجها ، بحيث يدخل على أهل البيت الضرر ، من عدم إخراجها ، كالأذى بالأقوال ، والأفعال الفاحشة ، ففي هذه الحال يجوز لهم إخراجها ، لأنها هي الّتي تسببت لإخراج نفسها ، والإسكان فيه جبر لخاطرها ، ورفق بها ، فهي الّتي أدخلت الضرر عليها ، وهذا في المعتدة الرجعية. وأما البائن ، فليس لها سكنى واجبة ، لأن السكن تبع للنفقة ، والنفقة تجب للرجعية دون البائن. (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) ، أي : الّتي حدها لعباده وشرعها لهم ، وأمرهم بلزومها ، والوقوف معها. (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) بأن لم يقف معها ، بل تجاوزها ، أو قصر عنها. (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) ، أي : بخسها حقها ، وأضاع نصيبه من اتباع حدود الله الّتي هي الصلاح في الدنيا والآخرة. (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) ، أي : شرع الله العدة ، وحدد الطلاق بها ، لحكم عظيمة. فمنها : أنه لعل الله يحدث في قلب المطلق الرحمة والمودة ، فيراجع من طلقها ، ويستأنف عشرتها ، فيتمكن من ذلك «من معرفة» مدة العدة ، ولعله يطلقها لسبب منها ، فيزول ذلك السبب ، في مدة العدة ، فيراجعها ، لانتفاء سبب الطلاق. ومن الحكم : أنها مدة التربص ، يعلم براءة رحمها من زوجها.
[٢] وقوله : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) ، أي : قاربن انقضاء العدة ، لأنهن لو خرجن من العدة ، لم يكن الزوج مخيرا بين الإمساك والفراق. (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) ، أي ؛ على وجه المعاشرة الحسنة ، والصحبة الجميلة ، لا على وجه الضرر ، وإرادة الشر والحبس ، فإن إمساكها على هذا الوجه لا يجوز. (أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) ، أي : فراقا لا محذور فيه ، من غير تشاتم ولا تخاصم ، ولا قهر لها ، على أخذ شيء من مالها. (وَأَشْهِدُوا) على طلاقها ورجعتها (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ، أي : رجلين مسلمين عدلين ، لأن في الإشهاد المذكور ، سدا لباب المخاصمة ، وكتمان كلّ منهما ، ما يلزم بيانه. (وَأَقِيمُوا) أيها الشهداء (الشَّهادَةَ لِلَّهِ) ، أي : ائتوا بها على وجهها ، من غير زيادة ولا نقص. واقصدوا بإقامتها ، وجه الله تعالى ، ولا تراعوا بها قريبا لقرابته ، ولا صاحبا لمحبته. (ذلِكُمْ) الذي ذكرنا لكم من الأحكام والحدود (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فإن الإيمان بالله ، واليوم الآخر ، يوجب لصاحبه أن يتعظ بمواعظ الله ، وأن يقدم لآخرته من الأعمال الصالحة ، ما يتمكن منها. بخلاف من ترحل الإيمان من قلبه ، فإنه لا يبالي بما أقدم عليه من الشر ، ولا يعظم مواعظ الله ، لعدم الموجب لذلك. ولما كان الطلاق ، قد يوقع في