والنشور.
[١٩] (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) (١٩) ، أي :
مبسوصة مهيأة للانتفاع بها.
[٢٠] (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) (٢٠) فلو لا أنه بسطها ، لما أمكن ذلك ، بل ولا أمكنهم حرثها وغرسها ، وزرعها ، والبناء والسكون على ظهرها.
[٢١] (قالَ نُوحٌ) شاكيا لربه : إن هذا الكلام والوعظ والتذكير ، ما نجع فيهم ولا أفاد. (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) فيما أمرتهم به (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) ، أي : عصوا الرسول الناصح الدال على الخير ، واتبعوا الملأ والأشراف الّذين لم تزدهم أموالهم ولا أولادهم إلّا خسارا ، أي : هلاكا وتفويتا للأرباح ، فكيف بمن انقاد لهم وأطاعهم؟
[٢٢] (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) (٢٢) ، أي : مكرا كبيرا بليغا في معاندة الحقّ.
[٢٣] (وَقالُوا) لهم داعين إلى الشرك مزينين (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) فدعوهم إلى التعصب على ما هم عليه من الشرك ، وأن لا يدعوا ما عليه آباؤهم الأقدمون. ثمّ عينوا آلهتهم ، فقالوا : (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً). وهذه أسماء رجال صالحين ، لما ماتوا ، زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم ، لينشطوا ـ بزعمهم ـ على الطاعة ، إذ رأوها. ثمّ طال الأمد ، وجاء غير أولئك فقال لهم الشيطان : إن أسلافكم كانوا يعبدونهم ، ويتوسلون بهم ، وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم. ولهذا وصى رؤساؤهم للتابعين لهم ، أن لا يدعوا عبادة هذه الأصنام.
[٢٤] (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) ، أي : أضل الكبار والرؤساء بدعوتهم ، كثيرا من الخلق. (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) ، أي : لو كان ضلالهم عند دعوتي إياهم للحق ، لكان مصلحة ، ولكن لا يزيدون بدعوة الرؤساء إلا ضلالا ، أي : فلم يبق محل لنجاحهم وصلاحهم ، ولهذا ذكر الله عذابهم وعقوبتهم الدنيوية والأخروية ، فقال :
[٢٥] (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) في اليم الذي أحاط بهم (فَأُدْخِلُوا ناراً) ، فذهبت أجسادهم في الغرق ، وأرواحهم للنار والحرق. وهذا كله بسبب خطيئاتهم ، الّتي أتاهم نبيهم ينذرهم عنها ، ويخبرهم بشؤمها وسوء مغبتها ، فرفضوا ما قال ، حتى حل بهم النكال. (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) ينصرونهم حين نزل بهم الأمر ، ولا أحد يقدر على أن يعارض القضاء والقدر.
[٢٦] (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) يدور على وجه الأرض.
[٢٧] وذكر السبب ، فقال : (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢٧) ، أي : بقاؤهم مفسدة محضة ، لهم ولغيرهم. وإنّما قال نوح ذلك ، لأنه مع كثرة مخالطته إياهم ، ومزاولته لأخلاقهم ، علم بذلك ، نتيجة أعمالهم ، فلهذا استجاب الله له دعوته ، فأغرقهم أجمعين ، ونجى نوحا ومن معه من المؤمنين.
[٢٨] (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم ، ثمّ عمم الدعاء ، فقال : (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) ، أي : خسارا ، ودمارا وهلاكا. تم تفسير سورة نوح ـ والحمد.