لكثرة أهواله وشدائده.
[١٠] (عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) (١٠) لأنهم قد أيسوا من كلّ خير ، وأيقنوا بالهلاك والبوار. ومفهوم ذلك أنه على المؤمنين يسير ، كما قال تعالى : (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ).
[١١] هذه الآيات ، نزلت في الوليد بن المغيرة ، المعاند للحق ، المبارز لله ولرسوله بالمحاربة والمشاقة ، فذمه الله ذما ، لم يذم به غيره ، وهذا جزاء كلّ من عاند الحقّ ، ونابذه ، أن له الخزي في الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى ، فقال : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١) ، أي : خلقته منفردا ، بلا مال ، ولا أهل ، ولا عشيرة ، فلم أزل أربيه وأعطيه.
[١٢] (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) (١٢) أي : كثيرا (وَ) جعلت له (بَنِينَ) ، أي : ذكورا (شُهُوداً) ، أي : حاضرين عنده على الدوام ، يتمتع بهم ، ويقضي بهم حوائجه ، ويستنصر بهم.
[١٤] (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) (١٤) ، أي : مكنته من الدنيا وأسبابها ، حتى انقادت له مطالبه ، وحصل له ما يشتهي ويريد.
[١٥] (ثُمَ) مع هذه النعم والإمدادات (يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) ، أي : يطمع أن ينال نعيم الآخرة ، كما نال نعيم الدنيا.
[١٦] (كَلَّا) ، أي : ليس الأمر كما طمع ، بل هو بخلاف مقصوده ومطلوبه. وذلك (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) عرفها ، ثمّ أنكرها ، ودعته إلى الحقّ ، فلم ينقد لها. ولم يكفه أنه أعرض عنها وتولى ، بل جعل يحاربها ، ويسعى في إبطالها ، ولهذا قال عنه :
[١٨] (إِنَّهُ فَكَّرَ) ، أي : في نفسه ، (وَقَدَّرَ) ما فكر فيه ، ليقول قولا ، يبطل به القرآن.
[١٩ ـ ٢٠] (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (٢٠) لأنه قدر أمرا ، ليس في طوره ، وتسوّر على ما لا يناله ، هو ولا أمثاله.
[٢١] (ثُمَّ نَظَرَ) (٢١) ما يقول ،
[٢٢] (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (٢٢) في وجهه ، وظاهره نفرة عن الحقّ ، وبغضا له.
[٢٣] (ثُمَّ أَدْبَرَ) ، أي : تولى (وَاسْتَكْبَرَ) نتيجة سعيه الفكري ، والعملي والقولي.
[٢٤ ـ ٢٥] (فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (٢٥) ، أي : ما هذا كلام الله ، بل كلام البشر ، وليس أيضا كلام البشر الأخيار ، بل كلام الأشرار منهم ، والفجار ، من كلّ كاذب سحار. فتبّا له ، ما أبعده من الصواب ، وأحراه بالخسارة والتبات!! كيف يدور في الأذهان ، أو يتصور ضمير أي إنسان ، أن يكون أعلى الكلام وأعظمه ، كلام الرب الكريم ، الماجد العظيم ، يشبه كلام المخلوقين الفقراء الناقصين؟ أم كيف يتجرأ هذا الكاذب العنيد ، على وصفه بهذا الوصف لكلام الله تعالى؟ فما حقه إلا العذاب الشديد ، ولهذا قال تعالى :
[٢٦ ـ ٢٨] (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) (٢٨) ، أي : لا تبقي من الشدة ، ولا على المعذب شيئا ، إلا وبلغته.
[٢٩] (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) (٢٩) ، أي : تلوحهم وتصليهم في عذابها ، وتقلقهم بشدة حرها وقرّها.
[٣٠] (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (٣٠) من الملائكة خزنة لها ، غلاظ شداد ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون.
[٣١] (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) وذلك لشدتهم وقوتهم. (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ، يحتمل أن المراد : إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة ، ولزيادة نكالهم فيها ، والعذاب ، يسمى فتنة ، كما قال تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (١٣). ويحتمل أن المراد : أنا ما أخبرناكم بعدتهم ، إلا لنعلم من يصدق ممن يكذّب ، ويدل على هذا ، ما