الظَّالِمِينَ) الذين تكبروا في الأرض ، وعلوا على أهلها وادعى كبيرهم الربوبية.
[١١] (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ) (١١) أي : قل لهم ، بلين قول ، ولطف عبارة (أَلا يَتَّقُونَ) الله الذي خلقكم ورزقكم ، فتتركون ما أنتم عليه من الكفر.
[١٢ ـ ١٣] فقال موسى عليهالسلام ، معتذرا من ربه ، ومبينا لعذره ، وسائلا له المعونة على هذا الحمل الثقيل : (قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي). وقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي) (٣٠). (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) ، فأجاب الله طلبته ، ونبأ أخاه ، كما نبأه (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) أي : معاونا لي على أمري.
[١٤] (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) أي : في قتل القبطي (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ).
[١٥] (قالَ كَلَّا) أي : لا يتمكنون من قتلك ، فإنا سنجعل لكما سلطانا ، فلا يصلون إليكما أنتما ، ومن اتبعكما الغالبون. ولهذا لم يتمكن فرعون ، من قتل موسى ، مع منابذته له غاية المنابذة ، وتسفيه رأيه ، وتضليله وقومه. (فَاذْهَبا بِآياتِنا) الدالة على صدقكما ، وصحة ما جئتما به ، (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) أحفظكما وأكلؤكما.
[١٦] (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦) أي : أرسلنا إليك ، لتؤمن به وبنا ، وتنقاد لعبادته ، وتذعن لتوحيده.
[١٧] (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (١٧) فكف عنهم عذابك ، وارفع عنهم يدك ليعبدوا ربهم ، ويقيموا أمر دينهم.
[١٨ ـ ١٩] فلما جاءا فرعون ، وقالا له ، ما قال الله لهما ، لم يؤمن فرعون ، ولم يلن ، وجعل يعارض موسى بقوله : (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) أي : ألم ننعم عليك ، ونقم بتربيتك ، منذ كنت وليدا في مهدك ، ولم تزل كذلك. (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) وهي قتل موسى للقبطي ، حين استغاثه الذي من شيعته ، على الذي من عدوه (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) الآية. (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) أي : وأنت ، إذ ذاك طريقك طريقنا ، وسبيلك سبيلنا ، في الكفر ، فأقر على نفسه بالكفر ، من حيث لا يدري.
[٢٠] فقال : موسى (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) أي : عن غير كفر ، وإنّما كان عن ضلال وسفه ، فاستغفرت ربي فغفر لي.
[٢١] (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) حين تراجعتم بقتلي ، فهربت إلى مدين ، ومكثت سنين ، ثمّ جئتكم. (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ). فالحاصل أن اعتراض فرعون على موسى ، اعتراض جاهل أو متجاهل ، فإنه جعل المانع من كونه رسولا ، أن جرى منه القتل ، فبين له موسى ، أن قتله كان على وجه الضلال والخطأ ، الذي لم يقصد نفس القتل ، وأن فضل الله تعالى غير ممنوع منه أحد ، فلم منعتم ما منحني الله ، من الحكم والرسالة؟ بقي عليك يا فرعون ، إدلاؤك بقولك : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) وعند التحقيق ، يتبين أن لا منة لك فيها.
[٢٢] ولهذا قال موسى : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٢) أي : تدلي عليّ بهذه المنة لأنك سخرت