وبالجملة ، إنّ كاشفيّتها للأفراد والأشخاص غير منفكّة عنها ، بل إنّها ذاتيّة لها بحيث يكون تصوّرها ملازما لتصوّرها حقيقة ولو كان بنحو الإجمال ؛ إذ لا ينبغي الريب في أنّا إذا تصوّرنا مفهوم ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان مثلا فقد تصوّرنا جميع أفراده بوجه ، وهذا المقدار من التصوّر يكفي في نزول المطلب من الامتناع إلى مرحلة الإمكان ، ومن هنا جاز الحكم عليها مطلقا ، مع أنّ الاستحالة واضحة البطلان بعد ما أثبتنا لك بالوضوح جهة الإمكان.
الجهة الرابعة : لا بدّ لنا من البحث في الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ، وهو عبارة من أن يتصوّر الواضع عند الوضع معنى خاصّا بما هو خاصّ وجزئي خارجي ، مع أنّ الجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا ويمتنع فرض صدقه على كثيرين ، فيضع اللفظ بإزاء مفهوم كلّي ومعنى عامّ يكون قابلا للصدق على الكثيرين. ومن الواضحات أنّ هذين اللحاظين ـ أي امتناع فرض الصدق على الكثيرين بما أنّه جزئي وخاصّ ، وفي تلك الحال وعين هذا الزمان بذلك اللحاظ أن يتصوّر المعنى الذي يمكن أن يصدق على الكثيرين ـ غير ممكني التصوّر في عالم الثبوت ؛ إذ يكون بين هذين التصوّرين في آن واحد من التضادّ بحيث كاد أن يبلغ بمرحلة التناقض.
فانقدح بما ذكرناه في المقام أنّ وضع الخاصّ والموضوع له العامّ يكون ضروري البطلان ؛ إذ كيف يعقل أن يعيّن واضع لفظا خاصّا كلفظ زيد بما هو وجه وكاشف عن ذات زيد ، وفي هذا الحال وهذا اللحاظ كان وجها وكاشفا عن كلّي الإنسان كما توهّم والتزم بذلك بعض الأعلام (١).
نعم ، لو كان مراده من هذا التوهّم بأنّه لا مانع من أن يتصوّر الواضع بواسطة
__________________
(١) هو المحقّق الرشتي ، راجع البدائع (الطبعة الاولى) : ٤٠١.