لحقيقة المعنى الحرفي بأنّه في الحقيقة ونفس الأمر من حيث المفهوم يكون من قبيل المعنى الاسمي ، يعني أنّ كلمة «من» تكون في عالم الاعتبار والوضع الواقعي النفس الأمري مترادفة لكلمة «الابتداء» بلا أيّ تصوّر فرق بينهما من هذه الجهة والمفهوم. نعم ، فرق بينهما في مقام الاستعمال ؛ إذ الأسماء إنّما تستعمل مستقلّة عند المحاورة ، والحروف بعنوان الآلية والأدوية في مقام الاستعمال.
وبعبارة أوضح : إنّ علقة الوضعيّة تختلف باختلاف اللحاظ في الحروف والأسماء بالنسبة إلى مقام الاستعمال من حيث الآليّة والاستقلالية ، نظير الواجب المشروط عند من يقول بثبوته في الخارج ، لأنّه يختلف باختلاف الأحوال في الوجوب وعدمه. فإذن العلقة الوضعيّة في الحروف والأسماء إنّما تكون من قبيل الواجب المشروط ، لأنّها ربما تلاحظ مستقلّة ، كما أنّ الأمر يكون كذلك في المعنى الاسمي بخلاف المعنى الحرفي ، فإنّه يلاحظ بعنوان الآليّة والأدوية بالنسبة إلى مقام الاستعمال عند من يكون عارفا بالحال.
وبعبارة أوضح اخرى : إنّ علقة الوضعيّة من باب التمثيل تكون نظير بعض الألفاظ التي هي وحيدة من حيث أصل المادّة ، ولكنّها مختلفة المعاني بلحاظ التلفّظ عند الاستعمال من حيث القراءة بالفتح والضمّ والكسر ، كلفظ «البرّ» فإنّه إذا قرئ بالفتح يدلّ على غير المعنى الذي يستفاد منه إذا قرئ بالكسر ، كما أنّه يدلّ على معنى ثالث إذا تلفّظ به بالضمّ ، مع أنّ المادّة الأصليّة التي هي عبارة عن «الباء والراء» مشتركة في جميع تلك التلفّظات.
كما تختلف مادّة واحدة من الألفاظ باختلاف التقديم والتأخير كلفظ «العلم» الذي معناه معلوم مشخّص إذا كان اللام في الوسط بخلاف ما إذا قرئ «لمع» بأن يقع العين في الآخر واللام في الأوّل والميم في الوسط ، فإنّه يدلّ على غير المعنى