قالوا : إنّ وجودها في نفسه بنفسه لنفسه ، لا يحتاج في التكوّن والوجود إلى موضوع متحقّق آخر في الخارج.
والشكل الآخر : ما يكون له وجود غير مستقلّ كذلك في هذا العالم ، أي لا بدّ أن يتحقّق في موضوع ؛ ولأجل ذلك يكون غير مستقلّ ؛ لأنّ تحقّقه في الخارج متقوّم بالموضوع ، بمعنى أنّه إذا وجد وجد في الموضوع ، وذلك مثل المقولات التسع العرضية ؛ لأنّ وجوداتها متقوّمة بموضوعاتها ، فلا يمكن تصوّر أيّ عرض متحقّق في الخارج من دون تحقّق موضوعه الذي يتقوّم به ؛ ولأجل ذلك التزموا أنّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه.
وبالجملة ، فإنّ المفاهيم الاسمية لها ثبوت بالاستقلال في عالم المفهوم من دون أيّ فرق في ذلك بين الجواهر المتقدّمة بأقسامها ولا الأعراض بأنواعها التسعة ؛ إذ كما يكون للحجر مفهوم في عالم المفاهيم والإدراك ، كذلك يكون للبياض والسواد وأمثالهما أيضا مفهوم بالاستقلال ، على نحو لو فرض أنّه لا مفهوم إلّا مفهوم البياض لكان له استقلال في ذلك الموطن ، من دون أن يكون محتاجا على الاتكاء بالغير بالنسبة إلى سائر المفاهيم ، بل إنّما يكون من هذا القبيل كلّ المفاهيم الاسمية حتّى مثل مفهوم الممتنع كمفهوم شريك الباري والعياذ بالله ، ومفهوم المتناقضين.
وبتعبير آخر : إنّ المعاني الاسمية ليست إلّا المفاهيم الاستقلالية التي لها واقعيّة في عالم التجرّد والإدراك ، على نحو لو فرض عدم وجود أيّ مدرك من العقلاء لها في الخارج ـ كخلوّ كرة الأرض من الإنسان قبل نزول آدم فيها من الجنّة ـ لكانت بما لها من الواقعيّة في عالم المفهوم باقية بحالها من المفهومية الاسمية ، بل لا تحتاج في تلك المواطن إلى الوضع والواضع ، لأنّ وضع الألفاظ بإزاء تلك المفاهيم ليس إلّا من جهة إحضارها إلى أذهان السامعين