تارة : يتحقّق في نفسه لنفسه بنفسه ، وذلك كوجود الواجب ، وذلك لأنّ وجوده يكون موجودا في نفسه ، ويصدّق ذلك صحّة الحمل كما تقول : إنّه تعالى موجود.
وأمّا وجوده لنفسه بنفسه ؛ إذ من البديهي أنّه تعالى ليس صفة للغير بالضرورة من الوجدان.
وأمّا أنّه موجود بنفسه ، فمن الواضحات أنّه ليس في موجوديّته معلولا للعلّة التي هي أثر في وجوده وتحقّقه.
واخرى : ليس الأمر كذلك ، بل الموجود يكون في نفسه لنفسه ولكن بغيره ، وذلك مثل وجود الممكن من الجواهر دون الأعراض ؛ لأنّ وجوده إنّما يكون في نفسه ، لأجل صحّة الحمل حيث يصحّ أن يقال : إنّ الماء والحجر والمدر والسماء والأرض موجودة. وأمّا أنّه موجود لنفسه بغيره ، فمن جهة عدم كونه صفة للغير على ما هو المشاهد في العين والخارج. وأمّا عدم وجوده بنفسه ، لأنّه يكون موجودا بالغير ، فيكون الغير هو العلّة لوجوده وإيجاده وخلقته ، بخلاف الوجود والموجود لنفسه ، لأنّه في موجوديّته لا يكون معلولا لغيره كوجود الواجب ، لأنّ وجوده وموجوديّته في ذاته لذاته بذاته يكون في نفسه بنفسه لنفسه.
وثالثة : يكون وجود الموجود أيضا لنفسه ، إلّا أنّه يكون في غيره وبغيره ، وذلك مثل وجود الأعراض ؛ إذ لا شكّ في أنّ الأعراض إنّما سنخ وجودها ليس إلّا في نفسه ، وذلك من جهة صحّة الحمل على ما هو المشاهد بالوجدان كقولك : إنّ البياض موجود ، ولكنّها موجودات بالغير وفي الغير ، فيكون الغير هو الخالق لها ، فتكون من المعلولات والمسبّبات التي تحتاج في الوجود إلى العلل والأسباب ، لأنّها إنّما تكون من سنخ الأوصاف المحمولة على الغير الذي يكون هو الموصوف بتلك الأوصاف. وأمّا أنّها موجودات في غير نفسها ، فلأنّها