وعدمها بيد الذوق وحسن الطبع.
فإذا كان تشخيص الطبع والذوق عدم المناسبة والشباهة والحسن في استعمال من الاستعمالات المجازية بالنسبة إلى المعنى الحقيقي ، فلا يتّصف ذلك الاستعمال بالصحّة عند العرف ، وإن كان ذلك الاستعمال مطابقا لترخيص الواضع في اللغة بالإذن الشخصي أو النوعي.
فإذا عرفت ذلك فلا يذهب عليك أنّ الوقوف على حقيقة الحال في المسألة مبتن على بيان مقدّمتين في هذا المقام :
الاولى : وجود الاستعمالات المجازية في قبال الاستعمالات الحقيقية في اللغة والمحاورة في الألفاظ المتداولة في الأدب واللسان ، كاستعمال لفظ (الأسد) ـ الذي وضع في اللغة العربية بعنوان الحقيقة لذلك الحيوان المفترس في الغابة ـ في الرجل الشجاع الذي يكون عادم النظير من حيث القدرة والاتّصاف بالشجاعة بالنسبة إلى بقية الأبطال مع القرينة ، كقولك : (رأيت أسدا يرمي في المعركة) أعني رأيت رجلا شجاعا بلغ في الشجاعة نهايتها وغايتها بحيث لا يوجد مثله في صنف الرجال كأمير المؤمنين عليهالسلام ، لتتمّ المبالغة التي هي مقصود المتكلّم من هذه الحكاية والخبر.
أو كان ذلك الاستعمال المجازي غير ثابت في اللغة في قبال المعنى الحقيقي ، بل أمثال تلك الاستعمالات في كلّ لغة من اللغات ليس من باب المجاز في الكلمة ، وإنّما يكون بعنوان الحقيقة.
ففي مثل قول القائل : (رأيت أسدا يرمي) فكأنّ القائل لمّا شاهد في شخص من أفراد الإنسان الحملة والقتال وعدم الخوف والفرار ، بل الظفر والنصر والانتصار كالأسد الذي يهجم على الأرانب وغيرها في الغابات يتخيّل أنّه صار كواحد من تلك الليوث والاسود المفترسة من حيث المبالغة في الشجاعة ، وبهذا