المقدّمة الثانية : وهي عبارة عن إثبات انحصار الواضع بشخص واحد كحضرة إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام أو هو مع جماعة محصورين ، أو ليس الأمر كذلك حتّى يبقى مجال في المقام لهذا البحث من الأصل والأساس كالاولى. كما أنّ هذا أي عدم انحصار الواضع في واحد معيّن أو جماعة معيّنين هو الحقّ المصدّق بالأخصّ على مسلكنا المتقدّم في باب الوضع من أنّه عبارة عن التعهّد والالتزام النفساني في عالم الاعتبار والنفس من دون أن يكون ذلك الاعتبار والالتزام والتعهّد في امتياز شخص خاصّ أو جماعة متشخّصين.
بل الحقّ كما عليه أهله أنّ كلّ مستعمل واضع في تعهّده والتزامه عند إلقاء واستعمال جملة في مقام التخاطب والحكاية لأجل تفهيم مقصوده من ذلك الاستعمال ، لأنّ المستعمل إذا كان في مقام إفهام أصل شجاعة الرجل يقول : هذا الرجل شجاع ، وإذا كان مقصوده من الكلام في مقام إفهام المبالغة في شجاعة من يكون في نهاية الشجاعة بحيث بلغ غايتها يستعمل كلمة أسد ويقول : زيد أسد ، أو يقول مع القرينة : رأيت أسدا يرمي في المعركة أو في الغابة. فكأنّه في مقام بيان الحقيقة يتعهّد بأن يأخذ كلمة الرجل وكلمة الشجاعة لإبراز أصل الشجاعة واتّصاف الرجل بها ، فيقول : زيد شجاع ، من دون أن يأخذ القرينة في الكلام. وفي مقام بيان المبالغة يتعهّد أن يبيّنها بأخذ القرينة في الاستعمال فيقول : زيد أسد ، أو رأيت أسدا يرمي في المعركة ، أو يضرب السيف على رءوس الأعداء والخصوم. وباستخدام هذا السنخ من الكلام مع القرينة حين الاستعمال يتعهّد ويلتزم أن يبيّن مقصوده من المبالغة في اتّصاف الرجل بالشجاعة الخاصّة التي تكون من الصفات الذاتية للأسد فى الغابات بحدّ من الكثرة ، فكأنّه صار من أفراد ومصاديق ذلك الحيوان المفترس الذي يعيش في الغابات والصحاري.
ويشهد على ما ذكرناه أنّ المتكلّم إذا ادّعى هذا المعنى الذي فسّرناه لكلامه