الذي يكون من أبلد الحيوانات من حيث الدرك ، لأنّه يفرّ من ذلك الحيوان المفترس في كلّ مكان وزمان ، فكأنّه أدرك أنّ هذه الصفة لا تنفكّ عن حقيقة ذات هذا الحيوان في كلّ قطر من أقطار الأرض. كما أنّه إذا قيل : «هذا سامّة» فإنّ اللفظ يجذب السامع إلى شخص لفظ الحيّة بذات شخص كلمة حيّة من دون لزوم إلى الواسطة في ذلك الجذب من دالّ آخر على تلك الخصوصية ، فخصوصيّة السامية تترتّب على طبيعتها بنفس ذلك المبرز من دون احتياج إلى استعمال آخر ، بل لو لم يكن هذا الابراز من الوساطة كافيا في إراءة نفسه فغيره من الاستعمالات غير كاف وإن بلغ إلى ما لا نهاية له.
والحاصل أنّ مثال إيراد اللفظ في بيان إراءة نفسه وذاته أو في جهة إراءة نوعه وصنفه ومثله ليس من سنخ الاستعمال في شيء بوجه من الوجوه ، وبذلك البيان ظهر لك ما قدّمناه من بيان المقدّمة المتقدّمة من عدم الاحتياج في الوقوف على ذلك الشخص والنوع والصنف والمثل إلى الاستعمال.
وملخّص البيان من المقدّمة المتقدّمة هو عبارة عن أنّ المعاني لمّا كانت بأنفسها ممّا لا يمكن إبرازها في الخارج وإفهامها وإحضارها في أذهان السامعين من دون أخذ واسطة في الإبراز والإحضار ، ضرورة أنّه في جميع موارد الحاجة لا يمكن إراءة شخص المعنى أو صورته أو ما يشبهه ، فإنّ كلّ ذلك لا يقوم بكفاية المحسوسات فكيف بالمعقولات والمحالات والممتنعات.
فلا جرم أنّ الاحتياج يطلب واسطة لتكون هي المبرزة لتلك المعاني في إحضارها في الأذهان ، وتلك الواسطة قد بيّناها مفصّلا بما لا مزيد عليه في أنّها منحصرة بالألفاظ الموضوعة ، فإنّ بها تبرز المعاني للتعهّد بذكرها عند إرادة تفهيمها في موارد الحاجة إليها.
وهذا بخلاف نفس الألفاظ ، فإنّها بأنفسها قابلة لأن تحضر في الأذهان من