اللمّ ، إذ لو لم يكن اللفظ موضوعا لهذا المعنى والموضوع له حقيقة ، لما تبادر هذا المعنى منه إلى الذهن عند فرض فقدان تمام القرائن الحالية والمقالية والعهديّة على الدلالة والكشف.
فتلخّص أنّ هذا البرهان لا يحتاج إلى أزيد من هذا البيان في نظر من يكون له أدنى تأمّل في المحاورة لاستظهار المعاني من الألفاظ الموضوعة لها في كلّ لغة ولسان.
فإن قلت : إنّ تبادر المعنى من اللفظ متوقّف على العلم بالوضع ، فإذا كان العلم بالوضع أيضا موقوفا على التبادر يلزم الدور.
قلت أوّلا : إنّ الدور عند المستعمل ليس متوقّفا على العلم بالوضع ، بل الوضع عند المستعلم يكون متوقّفا على التبادر في المحاورة ، وعلم أهل المحاورة بالوضع يكون موقوفا على الوضع.
وثانيا : إنّ علم أهل المحاورة بالوضع يكون على نحو الارتكاز ، ولكن لا يذهب عليك أنّ ذلك لا يخلو من الإجمال والاندماج ، واخرى يكون على نحو التفصيل ، بمعنى أنّ المستعلم بنحو الإجمال والاندماج عالم بمعنى ما للّفظ ، ولكنّه يريد أن يطّلع على كنه المعنى بالتفصيل ببركة التبادر ، فيكون بين العلمين فرق من حيث الإجمال والتفصيل ، والأوّل علم إجمالي ، والثاني علم تفصيليّ لا ربط له بالعلم الأوّل ، بل هو حاصل من ناحية التبادر.
هذا ملخّص الجواب الذي أجاب به عن الإشكال في الدور الذي ذكر في المقام المحقّق صاحب الكفاية (١) ، هذا.
فلا يخفى عليك أنّ هذا التبادر لا يقدر أن يثبت أنّ اللفظ الذي أفاد هذا المعنى
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٣٣.