على أنّا لو أغمضنا وسلّمنا الجمع بين الوضع والاستعمال في رتبة واحدة وآن واحد لم نصدّق استلزامه الجمع بين اللحاظين الآليّ والاستقلاليّ ؛ إذ ذلك اللازم يكون من فروعات مسلك المشهور في مسألة الاستعمال حيث إنّهم يلاحظون الألفاظ في مرحلة الاستعمال من الامور الآلية ، بخلاف مسلك الحقّ من أنّ حال الألفاظ حال المفاهيم والمعاني في مقام الاستعمال ؛ إذ كما أنّ المعاني والمفاهيم ملحوظات بالاستقلال ، فيكون الأمر كذلك بالنسبة إلى الألفاظ. ولأجل ذلك يلتفت المتكلّم إلى الخصوصيّات الصادرة منه حين التكلّم من كونها لغات عربيّة أو فارسيّة أو غيرها من اللغات الدارجة في ألسنة المحاورة عند أهلها ، من دون أن يلزم من الجمع بين الوضع والاستعمال الجمع بين اللحاظين الآلي والاستقلالي.
فانقدح بما ذكرناه في توضيح المطلب سهولة وقوع الوضع التعييني بناء على أن يكون المتصدّي لذلك من حيث الدلالة هو نفس الاستعمال ، مع القرينة على ذلك.
وأمّا الكلام في المقام الثاني أي بالنسبة إلى الوقوع ، فمن الضروري وقوع ذلك كما تقدّم في ضمن الردّ الذي ذكرناه عن إشكال شيخنا الاستاذ قدسسره من عدم إمكان ذلك ، إذ الظاهر من أحوال أهل العرف لمن يكون مطّلعا عليها أنّه لا ينبغي الشبهة في وقوع الوضع التعييني بهذه المثابة في الخارج ، بل ذلك من حيث الوقوع بلغ إلى حدّ من الكثرة بين العرف والعقلاء بحيث يعدّ التشكيك فيه بمنزلة إنكار أمر ضروري قد صدر من العقلاء في جميع البلدان والعصور كوضع الأعلام الشخصية لا سيّما بالنسبة إلى المعاني الجديدة المستحدثة. وعليه فدعوى تحقّق الحقيقة الشرعيّة بالوضع التعييني على النهج المذكور ـ في الجملة ـ غير قابل للإنكار.