الاستعمال عن الحقيقة.
وقد بقي الكلام بالنسبة إلى ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) في المقام ، فإنّه قال : إنّ كثرة الاستعمال إنّما تثبت الوضع التعيّني بعنوان الحقيقة الشرعية في الألفاظ التي وردت عن الشارع في الأحكام الشرعية في الشريعة المقدّسة ، إذا كانت هذه الفروع والمعاني من الفروع والمعاني المستحدثة عن ناحية الشارع في خصوص شريعتنا الإسلامية النبوية صلىاللهعليهوآله الأطهار.
بخلاف ما إذا قيل بأنّ هذه الفروع والأحكام كالصوم والصلاة والحجّ لا اختصاص لها بالشريعة المصطفوية صلىاللهعليهوآله بل إنّها كانت ثابتة في الشرائع السابقة على الإسلام كما يدلّ على ذلك قوله تعالى في كتابه الكريم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٢) ، وقوله تعالى أيضا : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)(٣) ، وقوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ)(٤) ، وأمثال ذلك كقول الصدّيقة حضرة مريم : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً)(٥) ، وأمثال ذلك من الآيات المقدّسة الواردة في الكتاب الكريم ، وأنّها تدلّ على ثبوت تلك الأحكام والحقائق في الشرائع السابقة.
فمع هذه الدلالة ما ذكرناه في المقام من إثبات تحقّق الوضع بعنوان الحقيقة الشرعيّة في الأحكام الإسلامية بالاستعمال على نحو الوضع التعييني لا يرجع إلى محصّل ، بل إنّ تلك الفروع والأحكام كانت ثابتة بعنوان الحقيقة في الأديان
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٦.
(٢) البقرة : ١٨٣.
(٣) مريم : ٣١.
(٤) الحجّ : ٢٧.
(٥) مريم : ٢٦.