بل يمكن هنا فرض جامع ثالث وهو عبارة عن مرتبة خاصّة من الوجود الساري المنتزع عن الأفراد المتشتّتة. وذلك من جهة أنّ الصلاة من باب المثال مركّبة من مقولات متشتّتة متباينة ، وتلك المقولات وإن لم تندرج تحت جامع مقولي حقيقي ذاتي ، إلّا أنّها مندرجة تحت مرتبة مخصوصة من الوجود الساري إليها. وهذه المرتبة الخاصّة البسيطة عبارة عن وجود سار إلى جملة من المقولات ، وهو محدود من ناحية القلّة بحدود الأركان على سعتها ، وأمّا من ناحية الكثرة والزيادة فهو مطلق بعنوان لا بشرط ، وهذه جهة جامعة تدخل جميع الأفراد الصحيحة تحتها ، فالصلاة عبارة عن تلك المرتبة الخاصّة من الوجود. وبذلك التقريب انقدح أنّ الصلاة عبارة عن أمر بسيط خاصّ يصدق على القليل والكثير ، والصغير والكبير ، وصلاة المضطرّ والمختار ، والقويّ والضعيف ، إلى نهاية الأفراد.
وفيه أوّلا : أنّه قد تقدّم أنّ لكلّ مقولة من المقولات وجود يختصّ بها في حدّ نفسها وذاتها في وعاء وجودها وعالم العين. فحينئذ فكما أنّه غير معقول أن يكون بين مقولتين أو ما زاد جامع مقولي واحد بأن تندرج تحت ذلك الجامع ، فكذلك غير معقول أن يكون لهما وجود واحد في الخارج ؛ إذ من البديهي والضروري استحالة اتّحاد مقولة مع مقولة اخرى في الوجود.
وبالجملة ، فكلّ مركّب اعتباري عبارة عن نفس الأجزاء فقط بالحصر ، وإنّما الوحدة بين أجزائه وحدة اعتبارية ، ومن البديهي أنّه ليس لمجموع تلك الأجزاء المتباينة بالذات والحقيقة حصّة خاصّة من الوجود حقيقة سارية إليها. فالصلاة من باب المثال مركّبة من مقولات متباينة كمقولة الوضع ، والكيف ، ونحوهما ـ حسب ما تقدّم بيانها مفصّلا بما لا مزيد عليه ـ وليست هذه المقولات مشتركة في مرتبة خاصّة بسيطة من الوجود لتكون وجودا للجميع.