إلّا أنّ الإشكال الذي يرد هنا هو ما ذكرناه آنفا من أنّ هذه الثمرة لم تكن ثمرة لهذه المسألة ، ولا تترتّب عليها بلا واسطة ، بل هي من ثمرات كبرى مسألة المطلق والمقيّد ، وهذه المسألة من صغريات تلك الكبرى ومن مبادئها ، من جهة أنّ البحث فيها في الحقيقة عن ثبوت الإطلاق وعدم ثبوته ، والبحث عن جواز التمسّك به وعدم جوازه بحث عن المسألة الاصوليّة دونه ، كما لا يخفى.
الوجه الثالث : أنّ الإطلاق والتقييد في العبادات إنّما يلاحظ بالإضافة إلى المأمور به ومتعلّق الأمر ، لا بالقياس إلى المسمّى بما هو ، ضرورة أنّ الإطلاق أو التقييد في كلام الشارع أو غيره إنّما يكون بالقياس إلى مراده ، وأنّه مطلق أو مقيّد ، لا إلى ما هو أجنبيّ عنه ، وعلى ذلك فلا فرق بين القولين والمسلكين ، فكما أنّ الصحيحي ليس في إمكانه التمسّك بالإطلاق فكذلك الأعمّي.
أمّا الصحيحي ، فلما علمت من عدم إحرازه الصدق على فاقد الجزء المشكوك أو الشرط المشكوك الاعتبار ، لاحتمال دخله في المسمّى.
وأمّا الأعمّي ، فلأجل علمه بتقيّد المسمّى بالصحّة ، وأنّها مأخوذة في المأمور به ومتعلّق الأمر ، إذ المأمور به في طلب المولى عند الإتيان إنّما يكون حصّة خاصّة من المسمّى ، وهي ليست إلّا الحصّة الصحيحة المحصّلة لغرض الشارع من التكليف ؛ إذ من البديهي أنّ الحاكم والشارع لا يطلب ولا يأمر بإتيان الحصّة الفاسدة ، ولا بما هو الجامع بينه وبين الصحيح ، وعلى هذا التقريب فلا يمكن التمسّك بالإطلاق عند الشكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّته ، للشكّ حينئذ في صدق المأمور به على الفاقد للشيء المشكوك فيه بالوضوح والإشراق.
وبالجملة ، فلا فرق بين أن تكون الصحّة مأخوذة في المسمّى ، وأن تكون مأخوذة في المأمور به ، فعلى كلا التقديرين لا يمكن التمسّك بالإطلاق ، غاية