ولم يبيّن فعلم عدم دخله واعتباره.
وهذا الذي ذكرناه هو النقطة الأصليّة في افتراق المعاملات عن العبادات ، إذ العبادات بما أنّها امور عباديّة لا يعرفها البشر ، وأنّما هي ماهيّات اختراعية من قبل الشارع فقط بجميع أجزائها وشرائطها ، فلا يمكن أن تنالها يد العرف من حيث اختراعها ، فيكون أمر ذلك منحصرا بيد الشارع.
فإذن لو كانت موضوعة للصحيحة فلا يمكننا التمسّك بإطلاقها عند الشكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّته ، لاحتمال دخله في المسمّى كما سبق.
وهذا بخلاف المعاملات ، فإنّها امور اعتبارية عرفيّة حدثت في ارتباط نظام معيشة حياة البشريّة في محاورات العقلاء ، فتكون من الماهيات المخترعة عند العرف والعقلاء ، فلو شكّ في اعتبار شيء منها من قبل الشرع فيكون المشكوك فيه أمرا زائدا على ما كان معتبرا عند العرف والعقلاء ، فلا مانع في دفع اعتبار مثله من التمسّك بالإطلاق حتّى على القول بكونها موضوعة للصحيحة.
نعم ، لو شككنا في اعتبار شيء فيها عند العرف والعقلاء ، نظير الشكّ في ماليّة شيء بين العقلاء والعرف من باب المثال ونحو ذلك فلا يمكننا التمسّك بالإطلاق ، لعدم إحراز صدق البيع عند فقدان الماليّة ؛ إذ الماليّة لا تصدق على المشكوك الماليّة ، فيكون من باب التمسّك بالإطلاق في الشبهة المصداقية ، والبيع لا يصدق على فاقد المالية ، فإذا لم يحرز صدق البيع على فاقد الماليّة فلا يجوز التمسّك بالإطلاق أو أمثال هذه الموارد ، كلّ ذلك مبنيّ على القول بالصحيح.
وأمّا عند الأعمّي فلا مانع من التمسّك بالإطلاق ولو كان الشكّ من ناحية اعتبار شيء فيها عرفا ، إلّا إذا كان المشكوك محتمل الدخالة في المفهوم والمسمّى.