ومن هذه الجهة فلنا أن نقول : إنّ تلك الأدلّة مسوقة لإمضاء المعاملات العرفيّة العقلائيّة ، وحيث إنّ المعاملات عندهم تنقسم إلى قسمين : قولي وفعلي ، إلّا في بعض الموارد الخاصّة التي اعتبر الشارع فيها اللفظ ، أو اللفظ الخاصّ ، كألفاظ النكاح والطلاق وأمثالهما فتلك الأدلّة تدلّ على إمضاء كلا القسمين. وبهذا التقريب فإن دلّ دليل من قبل الشارع على اعتبار شيء جزءا أو قيدا فنلتزم به ، وإلّا ففي صورة الشكّ فيه نتمسّك بالإطلاقات المتقدّمة ونثبت بها عدم اشتراطه واعتباره.
وبذلك التقريب انقدح بطلان ما ربّما يورد على الشهيد قدسسره حيث التزم أنّ المخترعات والماهيّات الجعلية كالصلاة والصوم وسائر العقود حقيقة في الصحيح ومجاز في الفاسد إلّا الحجّ ، لوجوب إتمامه فاسدا ، والحال أنّه قدسسره كغيره من الأصحاب يتمسّك بإطلاقات المعاملات ، مع أنّ الصحيحي لا مجال له للتمسّك بها ، لعروض الإجمال لها أي للخطابات. فلا يذهب عليك أنّ وجه البطلان هو ما علمت من عدم وجود المانع من التمسّك بإطلاقات المعاملات على القول بالصحيح كما عرفت.
وفي الجملة فالمعاني المأخوذة في موضوع أدلّة الإمضاء مثل البيع ونحوه معاملات عرفيّة عقلائيّة ولم يتصرّف الشارع فيها أيّ تصرّف ، لا من حيث اللفظ ولا من ناحية المفهوم والمعنى ، بل تلقّاها بالقبول وأمضاها بما لها من المعاني والمفاهيم التي قد استقرّ عليها الفهم العرفي بين الناس ، وتكلّم بالألفاظ التي كانت متداولة بينهم في محاورتهم قبل الشريعة الإسلاميّة.
فحينئذ إن شكّ في اعتبار أمر زائد على ما يفهمه العرف والعقلاء ، فنتمسّك بإطلاق الأدلّة وننفي بذلك اعتباره ، كما أنّه لم يكن معتبرا عند العرف ، إذ لو كان معتبرا للزم على الشارع المقدّس بيانه ، وحيث إنّه صلىاللهعليهوآله كان في مقام البيان