المسبّب لا ينفكّ عنها ويترتّب عليها ، وإلّا فهو كما كان باق على عدمه في ديار العدم. وأمّا إن كان موجود صحيحا أو فاسدا ، بل بعبارة اخرى إنّه وجد عند ذلك صحيحا أو فاسدا ، فهذا أمر ليس له عند التعقّل معنى محصّلا بالقطع واليقين.
نعم ، قد تقدّم سابقا أنّ الصحّة والفساد أمران منتزعان من إتيان المأمور به في الخارج تامّ الأجزاء والشرائط ، ومن عدم إتيانه كذلك ، من دون أن يكون ذلك دخيلا في حقيقة المسمّى والمسبّب بوجه من الوجوه.
وبالجملة ، فلنا أن نقول في المقام : إنّ نزاع الصحيحي والأعمّي مشروط بأن تكون هذه الألفاظ اسما للأسباب دون المسبّبات ، أو ليس له اختصاص بذلك ، بل هو جار وإن التزمنا بأنّ هذه الألفاظ موضوعة لخصوص المسبّبات أيضا.
وقبل الشروع في بيان ذلك لا بدّ لنا التكلّم في أنّه هل يجوز التمسّك بالإطلاق على كلّ من قولي الصحيح والأعمّ على حدّ سواء ، بلا وجود فرق بينهما من حيث الجواز والعدم بالإطلاق ، أو أنّ بينهما فرق من هذه الجهة ، بمعنى جواز التمسّك عند الأعمّي دون الصحيحي ، كما تقدّم في العبادات مفصّلا بما لا مزيد عليه ؟
فإذا علمت ذلك فاعلم أنّ أصحابنا الاصوليين اتّفقوا على جواز التمسّك بالإطلاق في المعاملات على كلّ من المسلكين ، من دون أن يكون من هذه الناحية فرق في البين.
والوجه في ذلك أنّه لا شبهة في أنّ هذه المفاهيم ـ أعني مفاهيم المعاملات من البيع والشراء ، والصلح ، والإيجار والاستيجار ، والنكاح ـ إنّما كانت مفاهيم متشكّلة عند العرف وكلّ الناس من الأنبياء والامم والإمام والامّة حيث كانوا متساوين في الابتلاء بها في نظام المعيشة وفي العرف والمحاورات المتداولة بينهم في مجرى حياتهم الاجتماعية إلى نحو الكمال ، بل كلّهم يتوسّلون من