وبالجملة فإنّ ملخّص جوابه قدسسره أنّ نسبة صيغ العقود إلى المعاملات ليست كنسبة الأسباب والمسبّبات ومن قبيل الموجودات الخارجية ، كوجود الإحراق آن حصول الإلقاء في النار ، ليكونا موجودين خارجيين بالسبب والمسبّب والعلّة والمعلول المترتّب أحدهما على الآخر ترتّبا تكوينيا قهريا بالجبر والاضطرار ، على نحو يكون تعلّق الإرادة بالمسبّب بتبع تعلّقها بالسبب من جهة أنّ اختيارية المسبّب باختياريّة السبب ، كما هو الحال في جميع الأفعال التوليدية ، بل نسبتها إليه نسبة الآلة إلى ذيها ، وإنّما الإرادة فقد تتعلّق بنفس المعاملة والمبادلة ابتداء ، كما هو الحال في سائر الإنشاءات ، فإنّ قولنا : (بعت) أو (صلّ) ليس بنفسه موجدا للملكيّة ، أو طلب إيجاد الصلاة في الخارج نظير الإلقاء الموجد للإحراق ، بل الموجد والموجب في الواقع ونفس الأمر هو الإرادة المتعلّقة بإيجاده إنشاء.
فتحصّل أنّه إذا لم تكن الصيغ من قبيل الأسباب ، والمعاملات من قبيل المسبّبات ، فلم يكن هناك موجودان ، أحدهما السبب ، والآخر هو المسبّب في عالم الخارج ، بحيث يكون أحدهما مترتّبا على الآخر كي لا يكون قبول أحدهما قبولا للآخر ، بل الموجود واحد لا اثنين بالقطع واليقين بلا غبار في البين.
غاية ما في الباب أنّه باختلاف الآلة ينقسم إلى أقسام عديدة ، فالبيع المنشأ بالمعاطاة قسم ، وبغيرها من اللفظ قسم آخر ، وبخصوص لفظ العربي قسم آخر ، وهكذا بالنسبة إلى الأقسام الأخر.
فإذا كان دليل إمضاء البيع مثلا في مقام البيان ولم يقيّده بنوع دون نوع فيستكشف منه عمومه لجميع الأقسام والأنواع العرفيّة الدارجة بينهم بعد فرض صدق المسمّى عندهم بالنسبة إلى جميع تلك الأقسام المتقدّمة ، كما يكون الأمر