الصيغة أو حرمتها ، ووجوب الوفاء في قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ثابت للملكيّة والمبادلة ؛ إذ الوفاء على ما ذكرناه بمعنى الإنهاء والإتمام. ومن المعلوم أنّه لا يتعلّق بنفس العقد ، لأنّه إنّما يكون آنيّ الحصول من دون أن يكون له البقاء ، بل الحقّ أنّ الوفاء لا بدّ من أن يتعلّق بما يكون له قابليّة البقاء والدوام والاستمرار ، وليس ذلك في المقام إلّا نفس المسبّب دون الأسباب.
والنكاح في قوله صلىاللهعليهوآله : (النكاح سنّتي) ليس إلّا نفس علاقة الزواج بين الزوج والزوجة ، لا نفس الصيغة ، وهكذا الصلح في قوله صلىاللهعليهوآله : (الصلح جائز) ، ونظائرهما.
وعليه فلو شككنا في حصول مسبّب من سبب خاصّ كالمعاملات ـ مثلا ـ فمقتضى الأصل عدم حصوله والاقتصار على الأخذ بالقدر المتيقّن ، إلّا فيما إذا كان له سبب واحد ، فإنّ إمضاء مسبّبه يستلزم إمضاءه لا محالة ، وإلّا لكان إمضاؤه بدونه لغوا وعبثا محضا. وكذا فيما إذا لم يكن في البين قدر متيقّن ، فإنّ نسبة المسبّب حينئذ إلى الجميع على حدّ سواء ، فلا يمكن الحكم بإمضاء بعض دون بعض. وفي غير هاتين الصورتين لا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن ، وفي الزائد عليه نرجع إلى أصالة العدم.
وقد أجاب عن ذلك الإشكال شيخنا الاستاذ قدسسره (١) بأنّ باب المعاملات غير مربوط بباب الأسباب والمسبّبات التكوينية ، كسببية الإلقاء في النار في تحقّق الإحراق ، بل باب المعاملات إنّما يكون نظير الآلة وذي الآلة ، فلأجل ذلك إنّما نأخذ بمقدار ما علم آليّته ، فنتمسّك بالإطلاق في عدم دخالة مشكوك الآليّة مع فرض صدق العنوان بدون إتيان المشكوك.
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٨١.