في إراءة هذا المقدار كافية موجودة بالنسبة إلى محلّ الابتلاء من المعاني في الوضع بلا احتياج إلى التماس وضع بالاشتراك ، لكفاية هذا المقدار الموجود من الوضع في أيدي المحاورة للإيصال إلى المعاني المستعملة في ألسنة أهل المحاورة من أهل اللسان واللغة ، من دون أن نكون محتاجين إلى وضع المشترك من الأصل والأساس ، فيصبح هذا السنخ من الوضع لغوا مخالفا لحكمة الوضع ، فيكون صدوره من الحكيم من المحالات المسلّمة ، إذ صدور اللغو من الحكيم من المقبوحات البديهية.
والثالث : أنّ المعاني بما لها من المصاديق والأفراد في جزئيّتها تكون خارجة عن دائرة التناهي ، لا بعناوينها الكلّية ، فإنّها بعنوانها الكلّي والجامع داخلة تحت الأعداد والإحصاء وغير خارجة عن دائرة التناهي ، بل هي بذلك العنوان متناهية.
فعلى ضوء هذا البيان والتقريب لا نجد مانعا لوضع الألفاظ بإزاء المعاني الكلّية التي تكون قابلة الانطباق على الأفراد والجزئيات في ميدان إبراز المعاني في الحكاية والإظهار عند التفاهم والتخاطب.
وبالجملة ، فإنّ المعاني الجزئية وإن كانت غير متناهية ، إلّا أنّ المعاني الكلّية بالقطع واليقين متّصفة بالتناهي كالألفاظ. فإذن لا مانع من وضع اللفظ بإزاء المعنى الكلّي الذي يستعمل في أفراده ومصاديقه حسب ما تتعلّق به الأغراض عند الحاجة بها.
ومن البديهي الواضح أنّ الأمر يكون بهذا المنوال بالنسبة إلى جميع أسماء الأجناس من السماء والأرض وما فيهما من الإنسان والملك والجنّ والحيوانات والمأكولات والمشروبات وأمثالها ، فيضع الواضع لفظا خاصّا لواحد منها ، ثمّ يستعمله على كلّ واحد من مصاديقه وأفراده من دون أن تكون للأفراد أسامي