التفهيم والتفهّم بها عند الحاجة ، بل المسلّم أنّ ذلك من المستحيلات العادية على الظاهر كما لا يخفى.
وإن أراد بها المراتب النازلة منها ـ كالإنسان والحيوان والشجر والحجر ، وما شاكل ذلك ـ فيردّه أنّها غير متناهية باعتبار أجزائها من الجنس والفصل ، وعوارضها من اللازمة والمفارقة المتصوّرة لها ، وهكذا تصل إلى غير النهاية. بل يكفي لعدم تناهي هذه المعاني نفس مراتب الأعداد ، فإنّك علمت فيما تقدّم أنّ مراتبها تبلغ إلى حدّ غير متناه ، وكلّ مرتبة منها معنى كلّي لها مصاديق من الأفراد والحصص غير المحصورة وغير المتناهية في الخارج والواقع النفس الأمري.
فمن باب المثال كما مثّلنا لك سابقا أنّ العشرة مرتبة منها ، والحادي عشر مرتبة اخرى ، والثاني عشر مرتبة ثالثة ، وهكذا ، ولكلّ واحدة منها في الخارج أفراد تنطبق عليها انطباق الطبيعي على مصاديقه وأفراده الخارجيّة ، لأنّ كلّي الطبيعي إنّما يكون بمعنى وجود أفراده ومصاديقه في الخارج ، فلا يخفى عليك أنّ الأفراد والمصاديق الخارجية غير محصورة ، وأنّها بالحتم واليقين تكون غير متناهية.
فانقدح لك أنّ ما أفاده قدسسره من أنّ المعاني الكلّية إنّما تكون متناهية بعيد عن التصديق والصحّة ، مع أنّ التفهيم بها في جميع الموارد محلّ إشكال وتأمّل ، كما هو الظاهر بلا ترديد وخفاء ، وعلى كلّ حال قد ظهر وبان لك من جميع ما ذكرناه في المقام أنّ الاشتراك ليس بواجب بوجه من الوجوه وإن صدّقنا إمكان وضع الألفاظ للمعاني غير المتناهية ، لعدم تناهي الألفاظ أيضا.
هذا تمام الكلام في بيان تقريب وجوب الوضع بنحو الاشتراك ، والجواب عنه بالتفصيل المتقدّم بعون الله الملك العلّام.