أكثر من معنى واحد على سبيل الاستغراق استعمال حقيقي ، لما عرفت من أنّ الاستعمال في أكثر من معنى واحد على خلاف الظهور العرفي وإن كان الاستعمال استعمالا حقيقيا ، وأصالة الحقيقة هنا غير جارية كما لا يخفى.
فتحصّل من مجموع ما بيّناه في المقام أنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد جائز ولا مانع منه من الأصل والأساس. نعم ، هو مخالف للظهور العرفي ، فلا يمكن حمل اللفظ عليه بلا إتيان قرينة معيّنة.
فإذا عرفت ما تلونا عليك من التحقيق في محلّ الكلام. فلا يخفى عليك أنّه لا فرق في ذلك بين التثنية والجمع وبين المفرد ، كما أنّه لا وجه للفرق بين أن يكون المعنيان حقيقيين أو مجازيين ، أو أحدهما حقيقيا والآخر مجازيا ، لأجل اتّحاد الملاك في الجميع من حيث الجواز والمنع.
وما قيل في استحالة إرادة المعنى المجازي والمعنى الحقيقي معا ، من أنّ إرادة المعنى المجازي تحتاج إلى القرينية الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي ، وهي مانعة عن إرادته ولا تجتمع معها.
يندفع بأنّ هذا إنّما هو فيما إذا أراد المتكلّم خصوص المعنى المجازي ، وأمّا إذا أراد المعنى المجازي والحقيقي معا على نحو المجموع أو الجميع فيحتاج ذلك إلى القرينة الصارفة عن إرادة خصوص المعنى الحقيقي لا عن إرادته مع المعنى المجازي إذا كانت هناك قرينة تدلّ على ذلك.
وعلى أيّ حال فقد انقدح ممّا ذكرناه في المقام أنّه لا وجه لما اختاره صاحب المعالم قدسسره (١) من التفصيل بين التثنية والجمع وبين المفرد ، حيث جوّز إرادة الأكثر من معنى واحد في التثنية والجمع دون المفرد ، بل اختار قدسسره أنّ الاستعمال
__________________
(١) انظر معالم الاصول : ٣٠.