أو الطائفة ، أو الجماعة ، أو القوم إلى غير ذلك ، كقولك : رأيت طائفتين ، فكما أنّه لم يذهب إلى وهم أحد إلى أنّ التثنية في أمثال هذه الموارد مستعملة في أكثر من معنى واحد ، فكذلك في المقام ، فلا فرق في ذلك بين المقامين أصلا ، غاية الأمر أنّ المفرد هنا استعمل في المتعدّد بالعناية دونه هناك.
وكيف كان فهذه الصورة غير مرادة لصاحب المعالم قدسسره يقينا ، لأنّ التثنية فيها لم تستعمل في أكثر من معنى واحد ، فلا معنى حينئذ لكونها حقيقة كما هو واضح جدّا.
وإن اريد من كلمة العين معنى واحد كالذهب مثلا ، لتدلّ الهيئة على إرادة أكثر من طبيعة واحدة ، ففيه أنّه غير معقول ؛ وذلك لما عرفت من أنّ للتثنية وضعين : أحدهما للهيئة ، وهي تدلّ على إرادة المتعدّد من المدخول ، والثاني للمادّة وهي تدلّ على الطبيعة المهملة. إذن إن اريد بالمادّة طبيعة واحدة كالذهب مثلا فالهيئة تدلّ على إرادة المتعدّد منه ، ويكون المراد من العينين فردين من الذهب ، وحيث إنّ المفروض في المقام إرادة طبيعة واحدة من المدخول فالتثنية تفيد تكرارها بإرادة فردين منها ، ومع هذا كيف تدلّ على تعدّد المدخول من حيث الطبيعة ، وليس هنا شيء آخر يكون دالّا على إرادة اخرى كالفضّة مثلا.
نعم ، يمكن أن تؤوّل العين بالمسمّى ويراد من تثنيتها الفردان منه ، كالذهب والفضّة أو نحوهما ، كما هو الحال في تثنية الأعلام الشخصيّة ، إلّا أنّه أيضا ليس من استعمال التثنية في أكثر من المعنى الواحد كما لا يخفى ، مع أنّ هذا التأويل مجاز بلا كلام ولا ريب ، فيحتاج إلى قرينة.
وقد انقدح من جميع ما ذكرناه في المقام بطلان تفصيل صاحب المعالم قدسسره وصحّة ما أثبتناه من أنّه يجوز الاستعمال في أكثر من معنى واحد من دون فرق في ذلك بين التثنية والجمع والمفرد ، لكنّه يكون على خلاف الظهور العرفي.