وأمّا المادّة المشتركة بين الجميع المعبّر عنها بالهيولى وإن كانت باقية بالدقّة العقلية ، إلّا أنّها هي ملكوت مبهمة وقوّة محضة صرفة لإفاضة الصورة عليها ، من دون أن تكون بحدّ من الملاك كالشيء من هذه العناوين ، ولا تتّصف بالإنسانيّة أو الكلبيّة أو نحوها بحال من الأحوال. هذا تمام الكلام في القسم الأوّل من الجوامد.
بقي الكلام في بيان القسم الثاني من الجوامد ، وهو عبارة عمّا إذا كان منتزعا عن أمر خارج عن مقام الذات ، فلا ينبغي الريب في دخوله في محلّ النزاع ، كعنوان الزوج ، والرقّ ، والحرّ ، وأمثال تلك الأمثلة ، إذ الذات فيه بحالها باقية بعد انقضاء المبدأ عنها ، كما تقدّم مثاله في الزوجة الصغيرة.
وحينئذ يدخل في محلّ النزاع ، من جهة أنّ الإطلاق عليها حال الانقضاء حقيقة أو مجاز.
ويؤكّد ذلك ما ذكرناه من شمول النزاع لهذا القسم من الجامد أيضا ما ذكره فخر المحقّقين والشهيد الثاني قدسسرهما في الإيضاح والمسالك (١) ، من ابتناء الحرمة في المرضعة الثانية على النزاع في مسألة المشتقّ ، في من كانت له زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة ، وقد أرضعت الكبيرتان الصغيرة ، فتحرم عليه المرضعة الاولى ، لصدق أمّ الزوجة عليها ، والصغيرة ، لصدق بنت الزوجة عليها.
وإنّما الكلام والإشكال في المرضعة الثانية ، فقد ابتنت الحرمة في هذه المسألة على النزاع في مسألة المشتقّ. فبناء على أنّه موضوع للأعمّ يصدق عليها عنوان أمّ الزوجة ، باعتبار أنّ المرتضعة كانت زوجة فتحرم ، وبناء على أنّه موضوع لخصوص المتلبّس بالمبدإ فعلا لا يصدق عليها هذا العنوان بالفعل ،
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٣ : ٥٣ ، ومسالك الإفهام ١ : ٣٧٩.