وقبل التكلّم في ذلك اعلم أنّ المراد من حال التلبّس والانقضاء وإن كان واضحا في حدّ ذاته ، إلّا أنّ التعرّض له على نحو الإجمال والإشارة لا يخلو من فائدة.
وملخّص المقال أنّ المراد من الحال في المقام ليس هو حال النطق أو حال التلبّس ، إذ لا خفاء بأنّ الزمان خارج عن مداليل المشتقّات والأفعال بعين ما تقدّم في وجه خروجه عن مداليل الأفعال مفصّلا بما لا مزيد ، إذ الأفعال لا تدلّ على الزمان بشيء من الدلالات اللفظية ، إذ من الواضحات عدم صحّة أن يقال بأنّ هيئة كلمة (عالم) اسم لمن يكون عالما في زمان النطق أو قبله أو بعده ، حتّى يقال بأنّ كلمة (عالم) غير صادقة على ذات (زيد) فيما بعد زمان التكلّم والنطق ، أو فيما قبل زمن النطق ، إذ الزمان خارج عن مدلول المشتقّ بالقطع واليقين.
نعم قول القائل بأنّ زيدا قائم أو عالم ، ظاهر في أنّ ذاته متلبّس بالعلم والقيام في حال التكلّم والنطق ، كما أنّ الأمر يكون من هذا القبيل عند الإخبار عن الجمادات ، إذ الظاهر من قول المخبر بأنّ هذا الجسم حجر ، أنّ تلك الذات متّصفة بالحجريّة ، وأنّ الحجرية ثابتة لها حين النطق ، لا أنّ الحجرية والعالميّة بالفعل وحال النطق تكونان من مداليل هذه الهيئة بوضع من ناحية الواضع في اللغة العربية ، حتّى يكون زمان النطق مأخوذا في مفهوم المشتقّ بالوضع اللغوي ، حتّى لا يشمل مثل هذا الاستعمال موارد إطلاقه بالنسبة إلى غير حال النطق.
فتحصّل أنّ النزاع في المشتقّ ليس مربوطا بحال النطق وعدم حال النطق ، بل النزاع مربوط بأنّ المشتقّ هل له سعة من حيث المفهوم حتّى يكون إطلاقه شاملا لمن انقضى عنه المبدأ حقيقة ، حتّى يكون استعمال هيئة مثل (زيد عالم) في من انقضى عنه مبدأ العلم بعروض النسيان له حقيقة ، أو أنّ مفهوم المشتقّ ليس بتلك