وببيان آخر : إنّ المشتقّ لو كان موضوعا للأعمّ لم يلزم اجتماع الضدّين عند صدق عنوانين على الذات حقيقة ، بل يصحّ أن يقال عرفا : هذا أسود وأبيض ، أو عالم وجاهل في آن واحد ، مع أنّ الأمر ليس كذلك ، ضرورة أنّ هذا اجتماع الضدّين حقيقة ، كما أنّ قولنا : هذا سواد وبياض ، أو علم وجهل ، كذلك.
نعم لو كان الصدق مختلفا في الزمان بأن كان صدق أحدهما في زمان وصدق الآخر في زمان آخر ، أو لم يكن الإطلاق في كلا الحملين حقيقيا ، بل كان في أحدهما بالحقيقة وفي الآخر بالعناية فلا تضادّ ، إذ المعتبر في تحقّق التضادّ أو التناقض في أيّ مورد كان وحدة الزمان مع اعتبار بقية الوحدات المتقدّمة ، ومع الاختلاف فيه أو في غيره من الوحدات كالجزء والكلّ ، أو لم يكن الإطلاق في كليهما على نحو الحقيقة ينتفي التضادّ.
فالنتيجة أنّ ارتكاب التضادّ بين العناوين بما لها من المعاني قرينة عرفيّة على الوضع للمتلبّس.
على أنّ ما ذكرناه في المقام من الأدلّة على الوضع لخصوص المتلبّس لا يختصّ بهيئة دون اخرى ، وبلسان دون لسان ، وبلغة من اللغات دون بقيّتها ، بل هو جار في كلّها لجميع المحاورات الدارجة بين الممالك والملل من العرب والعجم والترك والديلم بالنسبة إلى أقطار العالم الإنساني ، ولا أثر لاختلاف المبادئ في ذلك المطلب المسلّم. كما أنّه لا أثر لاختلاف العوارض والطوارئ والحالات بوجه من الوجوه بالقطع واليقين ، وهذا واضح لمن تأمّل في الامور والأدلّة المتقدّمة.
وعليه فما ذهب إليه القوم من التفاصيل باعتبار اختلاف الطوارئ والحالات مرّة ، وباعتبار اختلاف المبادئ تارة اخرى ، لا يرجع إلى معنى محصّل مصدّق.
فانقدح بما أوضحنا لك في المقام أنّه لا مناص ولا مفرّ من الالتزام بوضع