الانقضاء في أمثال المقام غير متصوّرة ، ليكون الاستعمال بلحاظ حال التلبّس دونها.
وهذا يكون من قبيل قولك : (الجنب والحائض يجب عليها الغسل) إذ المراد منهما هو كلّ إنسان ومكلّف فرض متلبّسا بالجنابة أو الحيض خارجا فهو محكوم عليه بالغسل ، فعنوان الجنب أو الحائض قد استعمل فيمن تلبّس بالمبدإ ، ولا يتصوّر فيه الانقضاء ، غاية الأمر أنّ الامتثال يقع متأخّرا عن زمان الوجوب كما أنّ الأمر كان كذلك في الآيتين المتقدّمتين.
فالنتيجة أنّ التمسّك بهاتين الآيتين للاستدلال على وضع المشتقّ للأعمّ خال عن الوجه والاعتبار بالضرورة من البرهان.
وهنا استدلّ لمسلك الأعمّي بالآية الشريفة (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(١) ، لاستدلال الإمام عليهالسلام بهذه الآية لعدم لياقة الثلاثة للتصدّي لمقام الإمامة والخلافة من ناحية تلبّسهم بالكفر والشرك وعبادة الصنم والوثن في طول سنين متمادية ، حيث قال الله تبارك وتعالى عزوجل (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) في جواب إبراهيم الخليل على نبيّنا وآله وعليهالسلام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وأيّ ظلم أعظم من الشرك ، والحال أنّه تعالى يقول في سورة لقمان : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(٢).
والاستدلال بهذه الآية من الإمام عليهالسلام يتمّ على كون المشتقّ بالوضع حقيقة في الأعمّ ، دون كونه حقيقة في خصوص من تلبّس بالمبدإ ، فإنّ استدلاله عليهالسلام على القول بالأخصّ لا يتمّ ، إذ الكفر منهم وإن كان من أعظم أنحاء الظلم ، ولكنّه
__________________
(١) البقرة : ١٢٤ ، وانظر تفسير البرهان ١ : ١٤٧.
(٢) لقمان : ١٣.