بخلاف ما ذكره قدسسره من أنّه على تقدير أخذ مصداق الشيء في المشتقّ لزم انقلاب مادّة الإمكان إلى الضرورة ، فجوابه انقدح عمّا ذكرناه فيما سبق ، فهو عبارة عن أنّ المأخوذ ليس واقع الشيء ومصداقه ، بل الحقّ أنّ المأخوذ ليس إلّا مفهوم المبهم بالتقريب المتقدّم ، كما وقفت عليه مفصّلا بما لا مزيد عليه.
وعلى فرض التسليم بأنّ المأخوذ ليس إلّا واقع الشيء ومصداقه لا يصير موجبا للانقلاب كما توهّمه السيّد الشريف ، وإنّما سنتكلّم في بيان ذلك تفصيلا عن قريب بحول الملك العلّام ، وليس عدم أخذ ذلك إلّا من ناحية مانع آخر تقدّم شرحه.
الثاني (١) : ذكر صاحب الفصول قدسسره (٢) بأنّ مفهوم الشيء لو كان داخلا في مفهوم الشيء يلزم انقلاب الإمكان إلى الضرورة ، كما ينقلب إذا كان واقع الشيء مأخوذا في مفهوم المشتقّ ، لأنّ الشيئية لا تنفكّ عن الأشياء ، بل الشيئية إنّما تكون لازما ضروريّا لتمام الأشياء ، بلا فرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات. فإذن لو اخذ مفهوم الشيء في المشتقّات يلزم انقلاب القضية الممكنة إلى الضروريّة ، مع أنّ جميع تلك القضايا والهيئات المشتقّة بأجمعها وتمامها ليست إلّا من سنخ القضايا الممكنة ، فإنّ قولنا : «الإنسان ضاحك» من القضايا الممكنة ، نظرا إلى أنّ كلا من ثبوت الضحك وعدمه ممكن للإنسان ، فلو كان معنى الكاتب شيء له الكتابة فالقضيّة ضروريّة ، باعتبار أنّ صدق الشيء بما هو على جميع الأشياء ضروري ، فلو كان الشيء مأخوذا في المشتقّ لزم الانقلاب ،
__________________
(١) أي الوجه الثاني من وجوه استدلال القائلين بالبساطة.
(٢) الفصول الغرويّة : ٦١.