مثل هذا المقام.
وهذا السنخ من القضية ـ أي ثبوت الإنسان للأخصّ منه ـ إنّما يكون ضروريا إذا لوحظ الإنسان لا بشرط ، وأمّا لوحظ بشرط شيء من العلم أو الصبر أو الكتابة وأمثال ذلك فلا يكون ثبوته لزيد أو نحوه ضروريا ، بل هو ممكن وإن كان ثبوته لمن يكون متّصفا بهذا الشيء فعلا ضروريا.
والسرّ في كلّ ذلك هو أنّ المحمول ليس ذات المقيّد بما هي ، بل المقيّد بما هو مقيّد على نحو تقيّد جزء وقيد خارج.
وبهذا انقدح لك أنّ ثبوت مفهوم الشيء بما هو ومطلقا لما صدق عليه وإن كان ضروريا ، إلّا أنّه لا يستلزم أن يكون ثبوته مقيّدا بقيد ما وبشرط شيء أيضا كذلك ، لما وقفت عليه من اختلاف شيء باختلاف الوجوه والاعتبارات والقيود المأخوذة فيه وجوبا وإمكانا وامتناعا (١).
فانقدح بذلك التوضيح أنّ ما أفاده المحقّق صاحب الفصول قدسسره من لزوم انقلاب القضيّة الممكنة إلى الضرورية في صورة أخذ مفهوم الشيء في المشتقّ غير صحيح ، بل الحقّ في المقام أنّ كلامه هذا بحسب الدقّة العقلية لا محصّل له عند التعقّل أصلا وأبدا.
فصار المتحصّل من جميع ما ذكرناه في المقام استبانة عدم وجود دليل معتمد لدعوى الانقلاب ، وإن فرض أنّ المأخوذ في المشتقّ يكون هو مصداق الشيء وواقعه وليس إلّا هو. وذلك من جهة أنّ قضية «الإنسان كاتب» وإن انحلّت على هذا التقريب إلى قضية «الإنسان إنسان ثبت له الكتابة» إلّا أنّ المحمول فيها ليس هو الإنسان وحده ليكون ثبوته للإنسان من سنخ ثبوت الشيء لنفسه الذي
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٥ ، فوائد الاصول : ٧١ ـ ٧٢.