ونفس الأمر فقد أثبتنا في ما سبق أنّه غير مأخوذ في مفهوم المشتقّ بما لا مزيد عليه ، وقد عرفت أنّ المأخوذ فيها ليس إلّا مفهوم الشيء على نحو الإرسال والإبهام والاندماج ، وعلى هذا التقريب فلا وجه للتكرار أصلا وأبدا.
والرابع : ما استدلّ به على البساطة شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من أنّ الواضع إنّما يلاحظ الفائدة عند الوضع في أخذ الشيء في المفاهيم الاشتقاقيّة ، صونا للوضع عن اللغويّة ، وهو قد صدر عن واضع حكيم.
فلا يخفى عليك أنّه على فرض التسليم بإمكان أخذ الشيء في المبادئ الاشتقاقية من حيث الواقع ونفس الأمر بحسب الثبوت ، إلّا أنّه من حيث الإثبات غير واقع في الخارج ، لعدم الفائدة في ذلك الأخذ ، لكونه لغوا محضا ، فلا يجوز صدوره عنه ، وغاية ما يمكن تصوّره من الفائدة في المقام ليس إلّا توهّم عدم صحّة حمله على الذات بدونها ، وذلك لوجود الملاك في صحّة الحمل بدون هذه الفائدة ، وهو عبارة عن اعتبار المبدأ في المشتقّات لا بشرط ، إذ لا يشترط في ملاك صحّة حمله على الذات بأزيد من ذلك حتّى نحتاج إلى لحاظ فائدة اخرى ، كما سيأتي الكلام في ذلك بالبيان الواضح بحول الله تعالى وقوّته.
فصارت النتيجة أنّه يبقى أخذ مفهوم الشيء والذات في المشتقّات بلا غرض وفائدة ، فيكون أخذه من اللغو المسلّم المحض.
وفيه : أنّ ما أفاده قدسسره يكون شبهة في مقابل الضرورة ، إذ من البيّن غير الخفي والواضح لمن يكون عارفا بنظام الحمل أنّ أخذ الذات مندمج في المشتقّ لا محالة ، بل هو ممّا لا بدّ منه ، لضرورة احتياج حمل العوارض على
__________________
(١) أجود التقريرات : ٦٦ ـ ٦٧.