موضوعاتها إلى ذلك الأخذ ؛ إذ من القطعيّات المسلّمة أنّ وجود العرض في الخارج مباين لوجود الجوهر فيه بالحتم والوجدان وإن كان وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، ولكنّنا نعلم بالوجدان أنّهما لا يكونان متّحدين خارجا ، ليصحّ حمل أحدهما على الآخر. ومن المعلوم كما ذكرنا مرارا أنّ المعيار والملاك في صحّة الحمل ليس إلّا الاتّحاد في الوجود ، وهو معدوم ومنتف بين العرض وموضوعه ، وما اكتفي به من اعتبار العرض لا بشرط في كلامه لا يوجب اتّحاده معه ليصحّ حمله ، إذ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه من المغايرة والمباينة بمجرّد فرضه لا بشرط ، لأنّ المغايرة ليست من ناحية الاعتبار لينتفي باعتبار آخر غيره ، بل هي أمر واقعي في الخارج. ومن البديهي أنّ وجود العرض ممتاز عن وجود الجوهر في ذاته ونفسه ، ولذلك لا يتّحد معه بمجرّد لحاظه لا بشرط المحض ، بل لا بدّ من أخذ الذات في مفهومه ليتّحد معه وليصحّ الحمل بذلك الاتحاد.
وبهذا الجواب انقدح جواب ما ذكره هو قدسسره خامسا (١) من أنّ أخذ الذات في المشتقّات ملازم لأخذ النسبة فيها أيضا ، وذلك من جهة أنّ المفروض كون المبدأ مأخوذا فيها ، فمن الواضح عند ذلك لزوم اشتمال كلام الواحد على نسبتين في رتبة واحدة وفي عرض واحد ، إحداهما : في تمام القضية ، والثانية : في نفس المحمول وحده فقط. وبطلانه واضح لا يمكن أن يلتزم به أحد أصلا وأبدا ، مع أنّ لازم ذلك ـ كما تقدّمت الإشارة إليه ـ أن تكون هيئات المشتقّات كلّها ملحقة بالمبنيّات لشباهتها بالمعنى الحرفي من ناحية النسبة.
وفيه أنّ ما ذكره من لزوم اشتمال الكلام الواحد على نسبتين في عرض
__________________
(١) أجود التقريرات : ٦٧.