في الخارج ، وذلك مثل الامور الاعتبارية الشرعيّة والعرفيّة من الأحكام التكليفيّة والوضعيّة.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنّه قيل : إنّ حقيقة علقة الوضعيّة تدور مدار القسم الثاني ، يعني أنّ الواضع جعل وجود اللفظ وجودا للمعنى في عالم الجعل والاعتبار ، فيكون اللفظ وجودا تنزيليّا له في ذلك العالم لا في عالم الخارج والعين كالتنزيلات الشرعيّة والعرفيّة ، نظير الأحاديث الواردة في طواف الكعبة عنهم عليهمالسلام بأنّ «الطواف بالبيت صلاة» (١) وإنّما «الفقّاع خمر استصغره الناس» (٢) وأمثالهما من التنزيلات الكثيرة في عالم التنزيل ، ولأجل ذلك يكون نظر المستعمل إلى اللفظ في تلك الموارد آليّا فقط عند الاستعمال ، وإلى المعنى استقلاليّا إذ النظر معطوف إلى المعنى ، بحيث لا يرى في تلك المرحلة إلّا ذات المعنى والمفهوم ، وليس للمستعمل نظر في الواقع ونفس الأمر إلّا إلى الموضوع له دون اللفظ.
وبعبارة اخرى : لا مانع من أن تقول : إنّ الوضع إنّما تحقّق لأجل الاستعمال ، فيكون بحسب الحقيقة مقدّمة للمعنى ، بمعنى أنّه سبب لإيجاد المعنى باللفظ وإلقائه إلى المخاطب عند التفاهم ، فالمستعمل بحسب الحقيقة لا نظر له إلّا إلى المعنى دون اللفظ.
ويرد عليه أوّلا : أنّ تفسير الوضع بهذا المعنى تفسير دقيق بعيد عن الأذهان بالنسبة إلى جلّ المتصدّين للوضع في الألفاظ في الغاية ، بالأخصّ بالنسبة إلى عامّة الواضعين ، وبالأخصّ القاصرين من الواضعين كالأطفال والمجانين الذين قد ترى صدور الوضع عنهم عند عروض الحاجة إليه ، بل يصدر مثل هذا الوضع
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ ، الباب ٣٨ من أبواب الطواف ، الحديث ٢.
(٢) الوسائل ١٧ : ٢٩٢ ، الباب ٢٨ من أبواب الأطعمة والأشربة ، الحديث ١.